الذي جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبنو هاشم هم رهط الأدنون ، ولكنهم معادون ومبعدون ، فكان ابن عباس من أشدّ المجاهدين بلسانه وبيانه ، وحججه وواضح برهانه ، ينسف مقولة الحاكمين في سواسية البطون القرشية في الفضل ، ويكشف زيف دعاواهم بأمجادهم في الجاهلية ، فكان يقول :
( والله لقد علمت قريش أنّ أوّل من أخذ الإيلاف وأجاز لها العبرات لهاشم.
والله ما شدّت قريش رحالاً ولا حبلاً بسفر ، ولا أناخت بعيراً بحضر ، إلاّ بهاشم.
والله إنّ أوّل من سقى بمكة ماءاً عذباً وجعل باب الكعبة ذهباً لعبد المطلب ) (١).
واللافت للنظر في كلام ابن عباس رضياللهعنه تأكيده بالقسم ثلاث مرّات في كلّ مأثرة من المآثر القرشية التي تميّزت بها على العرب ، وأنّ تلك المآثر في أساسها الراسخ المتين إنّما هي لجديه هاشم وعبد المطلب.
فما دامت قريش الحكومة اتخذت الإنتماء القرشي حجة لتولي الحكم ، حتى تعسّفت في تفسير الحديث الشريف : ( الأئمة من قريش ) ، فجعلت لها الهيمنة على الناس ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك ، فيحق لها الإنفراد بالخلافة والحكم دون غيرها من العرب والعجم ، بإرادة حتمية من السماء على لسان رسول السماء!!
قلت : فما دامت تلكم هي الحجة ، فبنو هاشم رهط النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذن هم أولى
____________
١ ـ شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٤٥٨ ط مصر الأولى.