من سائر بطون قريش لقرباهم منه ، فهو منهم وهم منه ، وجداهم هاشم وعبد المطلب هما مؤسسا الفخر القرشي ، فلماذا يشمخ حاكم الشام في نزوة من نزواته على الناس بفخر قريش ، ثم هو يحارب أصحاب الفخر من قريش؟!
فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الأدب في أوّل باب مناقب قريش قال : ( حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : كان محمد ابن جبير بن مطعم يحّدث : أنّه بلغ معاوية وهو عنده في وفدٍ من قريش أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص يحدّث أنّه سيكون ملك من قحطان.
فغضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أمّا بعد فإنّه بلغني أنّ رجالاً منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأؤلئك جهّالكم ، فأياكم والأماني التي تُضلّ أهلها ، فإنّي سمعت رسول الله يقول : ( إنّ هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلاّ كبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين ) (١).
فهذا الذي رواه البخاري في صحيحه بسند رجاله كلّهم غير متهم على معاوية ، فرووا لنا كلامه ، وقد خلا من الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بعد الثناء على الله سبحانه وتعالى! كما هي العادة في إفتتاح الخطاب ، لكن معاوية الحقود العنيد لا يذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو لا يرضيه ( إلاّ دفناً دفناً ) (٢).
وهذا ما كان يثير حفيظة ابن عباس رضياللهعنه فيعلن للملأ كذب الإعلام الأموي ويفضح عداءه للإسلام ، ويُغلّب على أحاديثه ذكر فضائل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
____________
١ ـ صحيح البخاري ٤ / ١٧٩ كتاب الأدب ، باب مناقب قريش ط بولاق.
٢ ـ في الأخبار الموفقيات وغيرها ، وقد مرّ ذكرها في تكفيرها معاوية بشهادة المغيرة ، فراجع.