عباس في زمزم وأسمعوه سبّ الإمام عليهالسلام كوقع الصاعقة ، إذ أسكت نامّتهم فلم ينبسوا ببنت شفة ، كما سيأتي وصف حالهم ، وهذا ما شاع خبره وذاع ، وتسامع الناس بموقف ابن عباس رضياللهعنه من الحكم القائم ، وسخطه على معاوية ، وفي قول عامر بن مسعود الجمحي : ( فنكون أوّل من يخبره ونسمع ما يقول ... ) ، ما يشير إلى ذلك ، حيث يتوقع الراوي ومن معه شيئاً يقوله ابن عباس رضياللهعنه في معاوية وقد بلغه نعيه ، ولا بد أن سيبدي كامن صدره ، فالهوة بين الحيّ والميت بعيدة القعر ضاربة الجذر ..
وفي نهاية هذا الخبر ما لم يكن موائماً مع ما هو متوقع أن يكون قد قاله ابن عباس رضياللهعنه ولا يبعد حدوث تحوير وتزوير ، لغرض التضليل ، فكان من التقويل ما يرفضه موقف ابن عباس رضياللهعنه المعلن من قبل المغاضب للحاكم الغاصب الناصب ، وقد اشرت إلى ذلك في الجزء الخامس من الحلقة الأولى (١) ، فراجع.
ج س٦ : ماذا كانت النتائج المثمرة لذلك الموقف؟
هذا جواب عن سؤال ربّما لم يدر في خلد القارئ فعلاً أن يسأله ، ما دام هو بعدُ لم يقرأ نص المحاورة التي كانت هي مجادلة أقوى من مجالدة ، لأنّها كانت مسوقة بالطريقة الفنيّة لصناعة علم الجدل ، كما سيأتي توضيح هذا فيما بعد.
ولمّا كان عرضها بجميع صورها المروية ـ مسندة ومرسلة ـ كما وردت في مصادر الفريقين وقد نيّفت على الثلاثين ، ربما كان من التطويل المملّ
____________
١ ـ موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٥ / ٢١١ تحت عنوان ( وجاءت سكرة الموت بالحق ).