فقد أخرج البخاري في ( الأدب المفرد ) بسنده عنه قال : ( إنّي لأرى لجواب الكتاب حقاً كرد السلام ) (١).
وعلى ضوء ما روى البخاري عنه تقدمت الشواهد عليه ، فقد سبق منّا ذكر موقف ابن عباس مع المجبرة (٢) ، وأشرنا إلى أنّه كتب إليهم كتاباً وهم في معقلهم الذي يتحصنون فيه بحماية السلطة إذ كانوا من أنصارها ، ومن هناك كانت أقاويلهم الباطلة ينشرونها بين الوافدين على معاوية من سائر البلاد
____________
١ ـ الأدب المفرد / ٢١١ ط عثمانية سنة ( ١٣٠٩ هـ ).
٢ ـ حكى السيد ابن طاووس في كتاب الطرائف ٢ / ٧ ، ١٣ ط الأولى نشر الأعلمي بيروت سنة ( ١٤٢٠ هـ ) بعض عقائدهم ثم نقل عن الخوارزمي فقال : وهو من أعيان علماء الإسلام في كتاب الفائق قوله : فأما المجبّرة فإن شيوخنا كفّروهم ، وأن قاضي القضاة حكى عن الشيخ أبي علي أنه قال : المجبّّر كافر ، ومن شك في كفّرهم فهو كافر ، ثم شرح تصديق ذلك القول وتحقيقه. وللسيد في هذا كلام دقيق وتحقيق رشيق تحسن مراجعته ، ثم حكى مستحسناً قول ابن الحجاج ( الشاعر ) حيث يقول :
المجبّرون يجادلون بباطل |
|
وخلاف ما يجدون في القرآن |
كلّ مقالتها إلآله أضلني |
|
وارادني ما كان عنه نهاني |
أيقول ربّك للخلائق آمنوا |
|
جهرا ويجبرهم على العصيان |
إن صحّ ذا فتعوذوا من ربّكم |
|
وذروا تعوذكم من الشيطان |
وأحسن من هذا في الرد على المجبّرة مقالتهم الفاسدة ما قاله إلإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، كما رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليهالسلام١ / ١١٤ ط الحيدرية من خبر أبي حنيفة مع الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام حيث قال له ممن المعصية؟ فقال الإمام عليهالسلام : لا تخلو من ثلاث : إما أن تكون من الله تعالى ـ وليست منه ـ ولا ينبغي للكريم أن يعذب عبده بما لا يكتسبه ، وإما أن تكن من الله عزوجل ومن العبد ، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإما أن تكون من العبد ـ وهي منه ـ فإن عاقبه الله فبذنبه ، وإن عفا عنه فبكرمه وجوده.