فقالوا : بلى.
فقال : أليس حكمكم في وليكم حكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في وليّه ، وحكمكم في عدوّكم حكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في عدوّه؟ وعدوكم اليوم عدوّ الله وعدّو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أنّ عدو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ هو عدو الله وعدّوكم اليوم.
فقالوا : نعم.
قال : فقد أنزل الله تبارك وتعالى : ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )(١) ، وقال : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ )(٢) ، فقد حرّم الله ولايتهم والمقام بين أظهرهم ، وإجازة شهادتهم ، وأكل ذبائحهم ، وقبول علم الدين عنهم ، ومناكحتهم ومواريثهم ، وقد احتج الله علينا بمعرفة هذا ، وحق علينا أن نعلّم هذا الدين الذين خرجنا من عندهم ولا نكتم ما أنزل الله ، والله عزوجل يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ )(٣) ، فاستجاب له إلى هذا الرأي جميع أصحابه.
فكتب من عبيد الله نافع بن الأزرق إلى عبد الله بن صفار ، وعبد الله بن أباض ، ومن قبلهما من الناس : سلام على أهل طاعة الله من عباد الله ، فإنّ من الامر كيت وكيت ـ فقصّ هذه القصة ووصف هذه الصفة ـ ثم بعث بالكتاب إليهما ، فأُتيا به ، فقرأه عبد الله بن صفار فأخذه فوضعه خلفه ، فلم
____________
١ ـ التوبة / ١.
٢ ـ البقرة / ٢٢١.
٣ ـ البقرة / ١٥٩.