قال هشام : قال أبو مخنف لوط بن يحيى : فحدثني أبو المثنى عن رجل من إخوانه من أهل البصرة : أنّهم اجتمعوا فقالت العامّة منهم : لو خرج منّا خارجون في سبيل الله فقد كانت منّا فترة منذ خرج أصحابنا فيقوم علماؤنا في الأرض فيكونون مصابيح الناس يدعونهم إلى الدين ويخرج أهل الورع والإجتهاد فيلحقون بالربّ فيكونون شهداء مرزوقين عند الله أحياء.
فانتدب لها نافع بن الأزرق فاعتقد على ثلاثمائة رجل فخرج ، وذلك عند وثوب الناس بعبيد الله بن زياد ، وكسر الخوارج أبواب السجون وخروجهم منها ، واشتغل الناس بقتال الأزد وربيعة وبنى تميم وقيس في دم مسعود بن عمرو ، فاغتنمت الخوارج اشتغال الناس بعضهم ببعض ، فتهيؤا واجتمعوا ، فلمّا خرج نافع بن الأزرق تبعوه ، واصطلح أهل البصرة على عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب يصلى بهم ، وخرج ابن زياد إلى الشام ، واصطلحت الأزد وبنو تميم ، فتجرد الناس للخوارج فاتبعوهم وأخافوهم ، حتى خرج من بقي منهم بالبصرة فلحق بابن الأزرق إلاّ قليلاً منهم ممن لم يكن أراد الخروج يومه ذلك ، منهم عبد الله بن صفار وعبد الله بن أباض ورجال معهما على رأيهما ، ونظر نافع بن الأزرق ورأى أنّ ولاية مَن تخلف عنه لا تنبغي ، وأن من تخلف عنه لا نجاة له ، فقال لأصحابه : إنّ الله قد أكرمكم بمخرجكُم وبصّركم ما عمي عنه غيركم ، ألستم تعلمون أنّكم إنّما خرجتم تطلبون شريعته وأمره؟ فأمره لكم قائد ، والكتاب لكم إمام ، وإنّما تتبعون سننه وأثره؟