أقول : لقد نقد الزمخشري في ( الكشاف ) هذه الرواية لا لقول نافع لابن عباس يا أعمى البصر يا أعمى القلب ... فحسب ، بل لأنّ الرواية فرية تمسك بها المجبرة ، فقال : ( وما يروى أنّ نافع بن الأزرق قال لابن عباس : يا أعمى البصر أعمى القلب ، تزعم أنّ قوماً يخرجون من النار وقد قال الله تعالى : ( وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا )(١) ، فقال : ويحك إقرأ ما فوقها ، هذا للكفار. فمما لفّقته المجبّرة ، وليس تكاذبهم وفراهم ، وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو بين أظهر أعضاده من قريش ، وأنصاره من بني عبد المطلب ، وهو حبر الأمة ، وبحرها ومفسّرها ، بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا ، وبرفعه إلى عكرمة دليلين ناصعين أنّ الحديث فرية ما فيها مرية ) (٢).
وقد ردّ عليه أحمد ابن المنبر الأسكندري المالكي في كتابه ( الإنتصاف فيما تضمنه الكشاف من الإعتزال ) ، قال : ( في هذا الفصل من كلامه وتمشدقه بالسفاهة على أهل السنة ورميهم بما لا يقولون به من الأخبار بالكذب والتخليق والإفتراء ما يحمي الكبد المملوء بحبّ السنة وأهلها على الإنتصاب للإنتصاف منه ، ولسنا بصدد تصحيح هذه الحكاية ، ولا وقف الله صحة العقيدة على صحتها ) (٣).
ونحن أيضاً نقول معه : كذلك لسنا بصدد تصحيح هذه الحكاية فإنّه :
____________
١ ـ المائدة / ٣٧.
٢ ـ الكشاف ١ / ٤٥٨ ط البابي الحلبي وأولاده بمصر ١٣٦٧ هـ.
٣ ـ المصدر السابق.