وروى الطبري من حديث الضحاك بن مزاحم ، قال : قدم نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من رؤوس الخوارج بمكة ، فإذا هم بابن عباس قاعداً قريباً من زمزم ، وأناس قياماً يسألونه ، فقال له نافع بن الأزرق : أتيتك لأسألك ، فسأله عن أشياء كثيرة من التفسير ساقها في ورقتين.
وأخرج الطبري من هذا الوجه بعض القصة ولفظه :
إنّ نافع بن الأزرق أتى ابن عباس ، فقال : قول الله : ( وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً )(١) ، وقوله : ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )(٢)؟
فقال : إنّي أحسبك قمتَ من عند أصحابك فقلتَ لهم : آتي ابن عباس فألقي عليه متشابه القرآن؟
فأخبرهم أنّ الله تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة ، قال المشركون : إنّ الله لا يقبل إلاّ من وحّده ، فيسألهم فيقولون : ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )، قال : فيختم على أفواههم ويستنطق جوارحهم ، انتهى ).
ثم استمر ابن حجر في التعقيب على ذلك فراجعه فلا يخلو كلامه من فائدة (٣).
ويبدو من أخبار نافع بن الأزرق مع ابن عباس ، أنّه كان يتعمّد إسماعه ما لا يليق به ، ولعلّها كوامن أحقاد من أيام الخوارج الأولى ، حيث كان ابن عباس في محاوراته معهم ينسف مزاعمهم ، ويكشف زيف ما شبّه عليهم ، وقد هدى الله تعالى به آلافاً منهم ، كما مرّ ذكر ذلك في أخباره معهم في حروراء
____________
١ ـ النساء / ٤٢.
٢ ـ الأنعام / ٢٣.
٣ ـ فتح الباري ١٠ / ١٧٧ ط مصطفى البابي الحلبي بمصر ( ١٣٧٨ هـ ).