والكوفة والنهروان وما بعدها ، لهذا كان نافع لا يحبّه ويراه خصماً خصيماً.
فكانت مسائله بلغة تحدٍّ واستعلاء ، مع سوء أدب في التعبير ، وجُلّ مسائله إن لم يكن كلّها ، كانت تعنتاً ، وليس تفقّهاً وتفّهماً ، وهو كان من أشدّ الخوارج عناداً لأهل البيت عليهمالسلام ، ومع ذلك فقد كان ابن عباس يوليه من سعة أخلاقه مسامحة ورحابة صدر ، رجاء إستصلاحه ، ولكن الرجل على طبيعته نسباً وسبباً يزداد عتواً وتجبّراً ، فهو من بني حنيفة المرتدة الذين كانت لهم مواقف في حروب الردّة ، وكان معدوداً في أصحاب ابن عباس فيما قال ابن حزم في ( الجمهرة ) : ( وأبو راشد نافع بن الأزرق ... بن حنيفة ، الذي تنسب إليه الأزارقة من الخوارج ، وكان في أوّل أمره من أصحاب ابن عباس رضياللهعنه ثم غلب عليه الشقاء فاستعرض المسلمين بسيفه ، وقتل النساء والأطفال ، وعطل الرجم ، وفارق الإسلام ... أهـ ) (١).
ثم هو صاحب المسائل في غريب ألفاظ من القرآن الكريم التي زعم أنّه لم يعرف معناها فسأل عنها ابن عباس ، على أن يأتيه على كلّ لفظة بشاهد من شعر العرب ، فهي كانت تعجيزية أكثر منها تعليمية ، وهي تزيد على المائتين ، وستأتي في الحلقة الثالثة إن شاء الله.
أمّا الآن فإلى ذكر بعض مسائله التي سألها تعنتّاً ، وهي مسائل قرآنية في مختلف فنون المعرفة :
فمنها ما أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه في ترجمة :
( عرفة بن يزيد ـ والد الحسن بن عرفة العبدي ، حدث عن عاصم بن
____________
١ ـ جمهرة أنساب العرب / ٣٣١ ، تحقيق هارون.