فقال ابن عباس : ثكلتك أمّك يا ابن الأزرق ، إنّ للقيامة أحوالاً وأهوالاً وفظائع وزلازل ، فإذا شققت السماوات وتناثرت النجوم ، وذهب ضوء الشمس والقمر ، وذهلت الأمهات عن الأولاد ، وقذفت الحوامل ما في البطون ، وسجّرت البحار ودكدكت الآكام ، ولم يلتفت والد إلى ولد ، ولا ولد إلى والد ، وجئ بالجنّة تلوح فيها قباب الدر والياقوت حتى تنصب عن يمين العرش ، ثم جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام من حديد ، ممسك بكلّ زمام سبعون ألف ملك ، لها عينان زرقاوان ، تجر الشفة السفلى أربعين عاماً ، تخطر كما يخطر الفحل ، لو تركت لأتت على كلّ مؤمن وكافر ، ثم يؤتى بها حتى تنصب عن يسار العرش ، فتستأذن ربها في السجود فيأذن لها ، فتحمده بمحامد لم يسمع الخلائق بمثلها تقول : لك الحمد إلهي إذ جعلتني أنتقم من أعدائك ، ولم تجعل شيئاً ممّا خلقت تنتقم به منّي إلاّ أهلي (١) ، فلهي أعرف بأهلها من الطير بالحبّ على وجه الأرض ، حتى إذا كانت من الموقف على مسيرة مائة عام وهو قول الله تعالى : ( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ )(٢) ، زفرت زفرة فلا يبقى ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا صدّيق منتجب ، ولا شهيد ما هنالك ، إلاّ خرّ جاثياً على ركبتيه.
قال : ثم تزفر الثانية زفرة فلا تبقى قطرة من الدموع إلاّ ندرت ، فلو كان لكلّ آدمي يومئذ عمل اثنين وسبعين نبيّاً لظنّ أنّه سيواقعها.
قال : ثم تزفر الثالثة زفرة فتتقلع القلوب من أماكنها فتصير بين اللهوات
____________
١ ـ كذا في الأصل.
٢ ـ الفرقان / ١٢.