كان أشدّ وطأة في تعنته كما مرّ سؤاله في هذا وأعظم منه جرأة. ولو أعدنا صيغة السؤال للمقارنة بين الرجلين ، عرفنا كيف كان عناد نافع وسوء أدبه.
ففي ( الكامل وشعب الإيمان ) للبيهقي : ( أنّ نافعاً سأل ابن عباس ، فقال : سليمان عليهالسلام مع ما خوله الله تعالى من الملك كيف عني بالهدهد مع صغره؟
فقال ابن عباس : إنّه إحتاج الماء ، والهدهد كانت الأرض له كالزجاج.
فقال ابن الأزرق لابن عباس : قف يا وقّاف ، كيف ينظر الماء من تحت الأرض ولا يرى الفخ إذا غطي بقدر إصبع من تراب؟
فقال ابن عباس : إذا نزل القضاء عمي البصر ) (١).
فلو قارنا بين صيغتي السؤالين لوجدنا جفاف خلق ابن الأزرق في قوله : ( قف يا وقّاف ) ، بلغة السخرية!
وقد روى العياشي في تفسيره ، بإسناده عن أبي عبد الله ـ الصادق عليهالسلام ـ قال : ( كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن موضع الخمس؟
فكتب إليه ابن عباس : أمّا الخمس فإنّا نزعم أنّه لنا ، ويزعم قومنا إنّه ليس لنا فصبرنا ) (٢).
وهكذا روى الإمام الصادق عليهالسلام بقية مسائل نجدة من ابن عباس ، يجدها الباحث متفرقة ومجتمعة في المصادر التالية ، من التفاسير : ( مجمع البيان ، ونور اليقين ، والصافي ، والميزان ) ، وغيرها من التفاسير الشيعية سوى
____________
١ ـ أنظر بحار الأنوار ٦١ / ٢٨٨.
٢ ـ تفسير العياشي ٢ / ٦١.