أيديكم كتباً ، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها ، فلا يبقين أحد عنده كتاباً إلاّ أتاني به فأرى فيه رأيي ، فظنّوا أنّي أريد النظر فيها لأقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوني بكتبهم فأحرقتها بالنار (١).
أقول : لو أنّك وصاحبك أبا بكر وأنتما على منصّة الخلافة جمعتما السنّة النبويّة وحفظتماها في كتاب خاصّ بها لوفّرتم على أنفسكم وعلى الأُمّة الخير العميم ، ولما دخل في السنّة النبويّة ما ليس منها ، ولما احتجتم إلى الاجتهاد مقابل النصوص الصريحة ، ولكان الإسلام بكتابه وسنّته واحداً أُمّة وعقيدة.
وأمّا ما فعلتموه من جمع السنن والأحاديث ، وإحراقها ومنع روايتها ونقلها ، وحبس من تخافون عدم امتثاله لأمركم ، فقد جرّ إلى هذه الأُمّة الويلات والاختلاف.
وإنّ إزاحة أمر الخلافة عن صاحبها ، وضربكم بعرض الحائط الآيات والأحاديث الواردة فيه وفي العترة الطاهرة من أهل بيت النبوّة ، ومن أجل هذه اضطررتم إلى أن توحّدوا صفوفكم وتتحزّبوا أنتم والطلقاء من قريش ومن بني أُمّية لتبعدوا هذا الأمر عن أهله ، ممّا أسس لوصول بني أُميّة إلى سدّة الحكم ، وعزل أهل البيت عن هذا الأمر في البداية وقتلهم وتشريدهم بعد ذلك.
____________
١ ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ : ١٨٨ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٧ : ٢٢١.