وحوطوا حريمكم ، وامنعوا زكاة أموالكم ، فإنّي أعلم أنّ العرب لا تقرّ بطاعة بني تيم بن مرة ، وتدع سادات البطحاء من بني هاشم (١).
وبنو ذهل ، من كنده ، سار إليهم زياد بن لبيد أمير حضر موت ، يدعوهم إلى السمع والطاعة ، فقالوا له : وإنّك لتدعوا إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد!
قال زياد : صدقتم ، فإنّه لم يُعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد ، ولكنّا اخترناه لهذا الأمر.
فقالوا له : أخبرنا لم نحيتم عنها أهل بيته وهم أحقّ الناس بها والله تعالى يقول : ( وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْض فِي كِتابِ اللّهِ ) (٢)؟
فقال زياد لمتكلّمهم : إنّ المهاجرين والأنصار أنظر لأنفسهم منك.
فقال له الحارث بن معاوية الذهلي الكندي : لا والله ، ما أزلتموها عن أهلها إلاّ حسداً منكم لهم! وما يستقرّ في قلبي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علماً يتبعونه!! فارحل عنا أيّها الرجل فإنّك تدعوا إلى غير رضى.
فوثب آخر من القوم فقال : صدق والله الحارث ، أخرجوا هذا الرجل عنكم ، فما صاحبه بأهل للخلافة ، ولا يستحقّها بوجه من
____________
١ ـ الفتوح لابن أعثم ١ : ٤٨.
٢ ـ الأنفال : ٧٥.