باب
ذكر الآية الرابعة
قال الله عز وجل ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ) (١) .. من العلماء من قال إنما كان العفو والصفح قبل الأمر بالقتال ثم نسخ ذلك بالأمر بالقتال كما حدثنا .. أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ( وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ) (١) قال نسختها ( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٢) الآية .. وقال غيره ليست بمنسوخة لأنها نزلت في يهود غدروا برسول الله صلىاللهعليهوسلم غدرة فأرادوا قتله فأمره الله بالصفح عنهم .. [ قال أبو جعفر ] وهذا لا يمتنع أن يكون أمر بالصفح عنهم بعد أن لحقتهم الذلة والصغار فصفح عنهم في شيء بعينه .. واختلفوا أيضا في الآية الخامسة .. فقال بعضهم هي ناسخة .. وقال بعضهم هي محكمة غير ناسخة.
باب
ذكر الآية الخامسة
قال الله تعالى ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) (٣) .. فقال قوم هذه ناسخة لما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعله في أمر العرنيين من التمثيل بهم وسمل أعينهم وتركهم حتى ماتوا .. فممن قال هذا محمد بن سيرين قال لما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك وعظ ونسخ بهذا الحكم واستدل على ذلك بأحاديث صحاح فمن ذلك ما حدثناه .. أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن قال أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير عن الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي قلابة عن أنس .. أن نفرا من عكل قدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم فأسلموا فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلىاللهعليهوسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فقتلوا راعيها واستاقوها فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم في طلبهم قافة فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسمهم وسمل أعينهم وتركهم حتى ماتوا فأنزل الله تعالى ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ) الآية .. قال أبو عبد الله وأنبأنا الفضل بن
__________________
(١) سورة : المائدة ، الآية : ١٣
(٢) سورة : التوبة ، الآية : ٢٩
(٣) سورة : المائدة ، الآية : ٣٣