يتزوجها فأنزل الله تعالى ( وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) .. [ قال أبو جعفر ] وهذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية ذكر فيه السبب الذي نزلت فيه فاذا صح جاز أن تكون الآية الناسخة بعده والله أعلم بحقيقة ذلك.
باب
باب ذكر الآية الثانية
قال الله عز وجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (١) .. العلماء فيها قولان : فمنهم من قال لما قال ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) كان هذا عاما في جميع البيوت ثم نسخ من هذا واستثنى فقال تعالى ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) (٢) .. ومنهم من قال الآيتان محكمتان لقوله تعالى ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ) قال تستأذنوا ( وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) يعني به البيوت التي لها أرباب وسكان والآية الأخرى في البيوت التي ليس لها أرباب يعرفون ولا سكان .. والقول الأول يروى عن ابن عباس وعكرمة .. [ قال أبو جعفر ] كما حدثنا .. أبو الحسن عليل بن أحمد قال حدثنا محمد بن هشام قال حدثنا عاصم بن سليمان قال حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) قال .. فيه تقديم وتأخير حتّى تسلّموا على أهلها وتستأنسوا ثم استثنى البيوت التي على طرق الناس والتي ينزلها المسافرون فقال عزّ وجلّ ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ) يقول ليس لها أهل ولا سكان بغير تسليم ولا استئذان ( فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) قال متاع من الحر والبرد .. وروى يزيد بن عكرمة والحسن ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ) قالا ثم نسخ من ذلك واستثنى فقال تعالى ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ ) .. والقول الثاني أنهما محكمتان قول أكثر أهل التأويل .. فأما ما روي عن ابن عباس وبعض الناس يقول عن سعيد بن جبير أنه قال أخطأ الكاتب إنما هو حتّى تستأذنوا فعظيم محظور القول به لأن الله تعالى قال ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) (٣) ومعنى حتى تستأنسوا بيّن عند
__________________
(١) سورة : النور ، الآية : ٢٧
(٢) سورة : النور ، الآية : ٢٩
(٣) سورة : فصلت ، الآية : ٤٢