والقول الثالث أن ابن عباس كان يرى الفسخ جائزا ويقول من حج فطاف بالبيت فقد حل لا اختلاف في ذلك عنه .. قال ابن أبي مليكة قال له عروة يا ابن عباس أضللت الناس قال بم ذلك يا عروة؟ قال تفتي الناس بأنهم اذا طافوا بالبيت حلوا وقد حج أبو بكر وعمر فلم يحلا إلى يوم النحر فقال له ابن عباس قال الله عز وجل ( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) فأقول لك قال الله ثم تقول لي قال أبو بكر وعمر .. وقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالفسخ [ قال أبو جعفر ] وهذا القول انفرد به ابن عباس كما انفرد بأشياء غيره .. فأما قوله ( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) فليس فيه حجة لأن الضمير للبدن وليست للناس ومحل الناس يوم النحر على قول الجماعة وهذا سمي يوم النحر الحج الأكبر وذلك صحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه وعن ابن عباس وإن كان قد روي عن ابن عباس أنه يوم عرفات فهذه ثلاثة أقوال في فسخ الحج .. والقول الرابع أصحها للتوقيف من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو له مخصوص. حدثنا أحمد بن شعيب قال أنبأنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد العزيز بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث عن بلال عن أبيه قال .. قلنا يا رسول أفسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال بل لنا خاصة .. وقال أبو ذر كان فسخ الحج لنا خاصة رخصة وان احتج محتج بقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم في غير هذا الحديث ذلك لأبد الأبيد فلا حجة له فيه لأنه يعني بذلك جواز العمرة في أشهر الحج .. فأما حديث عمر أنه قال في المتعة أن أنبئت بمن فعلها عاقبته وكذلك المتعة الاخرى فاحداهما المتعة المحرمة بالنساء التي هي بمنزلة الزنا والأخرى فسخ الحج فلا ينبغي لأحد أن يتأول عليه أنها المتعة في أشهر الحج لأن الله تعالى قد أباحها بقوله ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) واختلف العلماء في العمرة .. فقال بعضهم هي واجبة بفرض الله .. وقال بعضهم هي واجبة بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم .. وقال بعضهم ليست بواجبة ولكنها سنة .. فمن يروى عنه أنه قال إنها واجبة عمر وابن عباس وابن عمر وهو قول الثوري والشافعي .. وأما السنة فحدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا خالد قال حدثنا شعبة قال سمعت النعمان بن سالم قال سمعت عمرو بن أوس يحدث عن أبي ذر بن العقيلي أنه قال .. يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال حج عن أبيك واعتمر .. واحتج قوم في وجوبها بظاهر قول الله عز وجل ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٣) والحج القصد فهو يقع للحج والعمرة وقال عزّ وجلّ ( يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ) (٤) والحج الأصغر العمرة الا أن أهل
__________________
(١) سورة : الحج ، الآية : ٣٣
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ١٩٦
(٣) سورة : آل عمران ، الآية : ٩٧
(٤) سورة : التوبة ، الآية : ٣