لنقل قوله ، لكنه مسامحة في التعبير وتنزيل لا يجري مجرى العدالة عند الشيخ منزلتها.
وهذا صاحب المسالك لما دخل في المسألة حرر الخلاف في وجوب البحث عن العدالة والاعتماد على ظاهر الإسلام. وهو كما ترى صريح في كون الخلاف في طريقها ، ثمَّ بعد نقل أدلة الأول قال : وفي هذه الأدلة نظر :
أما الآية ـ يعني قوله تعالى « وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ » (١) ـ فليس فيها أن المراد منها ما ذا. ومدعي الاكتفاء بظهور الإسلام إذا لم يظهر الفسق يقول :
ان ذلك هو العدالة وانها الأصل في المسلم. بمعنى أن حاله يحتمل على القيام بالواجبات وترك المحرمات ، ومن ثمَّ جرى عليه هذا الحكم حتى لا يجوز رميه بفعل محرم ولا ترك واجب أخذا بظاهر الحال ، واتفق الكل على بناء عقده على الصحيح ـ انتهى كلامه رفع مقامه.
فإنه وان نسب الى الشيخ أنه يقول بأن العدالة هو ظهور الإسلام لكن جعل ذلك عبارة أخرى عن الأصل والأخذ بظاهر حال المسلم. وحمله على عدم فعل القبائح وترك الواجبات قرينة على مسامحته في العبارة الأولى.
نعم ظاهر ما ذكره ثانيا بقوله : ثانيا سلمنا ان العدالة أمر آخر غير الإسلام وهي الملكة الاتية لكن لا يشترط العلم بوجودها بل يكفي عدم العلم بانتفائها ـ إلخ ، بقرينة المقابلة يوهم خلاف المقصود.
لكن الأمر في ذلك كله سهل بعد وضوح الأمر وبداهته ومعلومية كونها مسامحات في العبارة ، كما يصرح بذلك قول صاحب المسالك أيضا في شرح قول المصنف « ولا يجوز التعويل على حسن الظاهر » حيث قال : ومن اكتفى بالإسلام وجعله دليلا على العدالة اكتفي بحسن الظاهر بطريق أولى.
__________________
(١) سورة الطلاق : ٢.