مع أن الاخبار التي استند إليها الشيخ كلها ظاهرة في كون الإسلام مع عدم ظهور الفسق طريقا إلى العدالة لا نفسها ، مضافا الى شهادة غير واحد من الاخبار تصريحا وتلويحا ، بأن العدالة حالة من حالات الشخص وصفة من أوصافه توجب الطمأنينة في أقواله ، مثل ما اشتمل على الوثاقة والعفة والصيانة كما في صحيحة ابن ابي يعفور (١) وغيرها مما يقاربها في الدلالة على كون العدالة حالة رادعة.
بل يمكن الاستدلال عليه بآية النبإ أيضا ، نظرا الى عدم الفرق بين العدالة بمعنى ظهور الإسلام والفسق في الردع عن التعمد في الكذب الذي صار احتماله سببا لوجوب التبين الرافع للندم وقباحة تعليل الحكم الخاص ، أعني التبين في خبر الفاسق خاصة بعلة مشتركة بينه وبين ضده.
ومن هنا لو ادعي تطابق الاخبار وكلمات الأخيار على كون العدالة هي الحالة وأنها مطابقة لمعناها العرفي أعني الاستقامة ، لوضوح عدم اتصاف الشخص بالاستقامة في نظر الشرع والعرف الا باعتبار ما به من الملكات والحالات الباعثة على ارتكاب حسان الافعال والأخلاق وانزجار قبائحهما ، كان دعوى مع البينة والبرهان.
وكذا الكلام في حسن الظاهر بالمعنى المقابل للباطن ، فان مثل ذلك أيضا يجامع الفسق الباطني ، فلا يكونان متضادين ، وأيضا على تقدير كونه نفس العدالة استحال تبين فسق الشهود أبدا ، مع أن الشيخ والمكتفين بحسن الظاهر يوافقون الأصحاب في عنوان مسألة تبين فسق الشهود.
نعم يمكن بناء على ظهور الإسلام جعل التبين عبارة عن ظهور كفرهم ، وهو كما ترى من المضحكات ، لان الشيخ ولا غيره من الأصحاب لا يرضون بذلك.
أترى أنه لو تبين فسق من ظاهره الإسلام مع عدم ظهور الفسق أو ظاهره الاتصاف
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ٤١ من أبواب الشهادات ح ١.