ما يجب عليه في الدعاوي المجزومة لأنه لم يدع شيئا ، وانما أخبر بخبر لا فائدة فيه الإظهار الحال ، فلا بد للظان إبراز الدعوى بصورة الجزم والمطالبة تحقيقا لمعنى الدعوى.
ولو اقتصر على مجرد المطالبة ـ بأن يقول المدعي ان لي بينة على اشتغال ذمتك واني مطالب به بمقتضى البينة ـ كفى على الظاهر. فالقول باشتراط الجزم على الدعوى زيادة على المطالبة لا يخلو عن إشكال أو منع ، ويمكن تنزيل كلام من اعتبره على المطالبة.
وكيف كان فيجب على الحاكم حينئذ سماع هذه الدعوى ، ولو علم بالحال وأنه يدعي عن ظن أو وهم لا عن جزم. والدليل عليه أمور :
( الأول ) ان المقتضى للسماع موجود وهو أدلة القضاء ، والمانع وهو عدم ترتب الفائدة على السماع كما في القسم الثاني مفقود.
( والثاني ) ان في عدم سماع مثل هذه الدعوى تقاعدا عن إحقاق الحقوق الذي هو الغرض من تشريع القضاء كما مر.
( والثالث ) فحوى ما دل على حلف الامناء فيما إذا ادعوا التلف ، فان دعوى المستأمن عدم التلف عليه غالبا أو دائما دعوى غير مجزومة مستند الى عدم العلم أو أصالة العدم.
( والرابع ) فحوى خصوص ما ورد في الصائغ والقصار والحائك من جواز إحلافهم إذا اتهموا ، معللا باحتمال استخراج شيء منهم.
وهذا وسابقة وان لم يكن موردهما ما إذا كان الظان هو المدعي بل المنكر ـ وهو المستأمن أو المستأجر ـ لكن الاستدلال بهما من حيث المناط المنقح ، لأنه إذا أثر الظن في إحلاف المدعي أثر في إحلاف المنكر أيضا لاتحاد المناط ثمَّ يتوجه اليمين على المدعي. ولا رد هنا ، لاشتراط الجزم في اليمين كما سيأتي ،