فإن حلف والا فيبنى على القضاء بالنكول ، فان قضى به الزم والا فالدعوى توقف.
وأما القسم الثاني : فلا إشكال في أن الحكم التكليفي فيه الحرمة بناء على كون الدعوى اخبارا لكونه كذبا ، وما ذكرنا من المصلحة غير جارية هنا ، لان المفروض هنا عدم قيام أمارة شرعية على الحق ، فليس له حق ظاهري أو واقعي حتى يجوز الكذب مقدمة لاستنقاذه. ومجرد احتماله الذي لا دليل عليه بل الدليل على خلافه ـ وهو الأصل ـ لا يصلح مجوزا له.
وأما الحكم الوضعي ـ أعني سماع الدعوى ـ فمبني على ما أشرنا إليه في الالتقاط السابق من أن الغرض الذي وجب سماع الدعوى لأجله ، هو منحصر في الإلزام حتى لا يجب حيث لا يكون للدعوى قابلية ذاتية للإلزام أم لا بل متى احتمل احدى الفوائد المترتبة على السماع كإقرار المدعى عليه أو يمينه المسقط لحق الدعوى أو نحوهما مما قد يترتب على سماع الدعوى من الفوائد ، وجب السماع مقدمة لها.
فان قلنا بالأول ـ كما لعله الأقوى ـ لم يجب السماع هنا إذا علم الحاكم بأنه يدعي من غير جزم ولا أمارة شرعية ، لاستحالة الحكم له على خصمه بما يدعيه ، لان المفروض كونه ممنوعا في الشرع عن أخذ المدعي به فكيف يتعلق به الحكم ولا أقبل رجاء للإقراء أو الصلح.
هذا ، وقد يستدل على مساواة القسمين بالأخبار المشار إليها الواردة في الصائغ والصانع والحائك ، كخبري بكر بن حبيب في أحدهما قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أعطيت جبة الى القصار فذهب بزعمه. قال : ان اتهمته فاستحلفه وان لم تتهمه فليس عليه شيء (١).
وخبر ابى بصير عنه عليهالسلام : لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك
__________________
(١) الوسائل ج ١٣ ب ٢٩ من أبواب الإجارة ح ١٦.