الطرق الواقعية في إثبات الحق سوى الإقرار.
وقد يناقش فيه : بأن قضية قوله عليهالسلام « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » الإلزام بما علم أنه أقر به ، وأما الإلزام بما ظن أنه أقر به فلا بد فيه من التماس دليل آخر ، كما قلنا نظير ذلك في رد من تمسك بحديث الثقلين على حجية ظواهر الكتاب والسنة ، فان كان ذلك الدليل هو بناء العقلاء ، فيرد عليه حينئذ ما أشرنا إليه في تأسيس الأصل المزبور من أن أدلة القضاء مخصصة للظنون المعتبرة بغير ما تضمنت حقا على الغير ، لأنه لا يترتب على بناء العقلاء على العمل بالظن اللفظي سوى حجيته في غير مقام إثبات حق على الغير بالنسبة إلى خصوص الاثار الراجعة إلى ثبوت الحق من حيث أنه حق لأمن حيثيات أخرى راجعة إلى تكليف الشخص كما مر.
الا أن يقال : ان الإقرار يشمل القسمين القطعي والظني ، فالدليل على الإلزام بمقتضى الإقرار الظني أيضا هو قوله عليهالسلام « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » ، ويستند في شموله للقسمين الى بناء العقلاء ، على أن الاخبار بلفظ ظاهر في ثبوت الحق إقرار به.
وليس المقام نظير التمسك بحديث الثقلين على حجية ظواهر القرآن ، لان ظواهر القرآن ان لم يثبت حجيتها فلا ينفع فيها حديث الثقلين ، وان ثبتت حجيتها ببناء العقلاء استغني عن الحديث بل لا يبقى له معنى سوى الإرشاد مثل أوامر الإطاعة. بخلاف ما نحن فيه ، لأنه بعد ثبوت حجية الظواهر يتحقق موضوع الإقرار. وأما جواز الإلزام به بعد الصدق فنحتاج فيه أيضا الى أدلة الإقرار ، لما عرفت من أن أدلة حجية الطرق لا تنفع في المقام سوى دليل الإقرار ، فنحن نثبت أولا صدق الإقرار على ما يدل عليه ظاهر لفظ الإقرار لبناء العقلاء على حجية الظواهر ثمَّ نستدل على نفوذه بأدلة الإقرار ـ فافهم.