( الرابع ) هل يجوز الحكم بعد الإقرار قبل التماس المدعي أم لا ، ومبنى المسألة أحد أمور :
الأول ـ انه لو قلنا بكون الحكم حقا للمدعي لم يجوز قبل مطالبته كما أشار إليه المحقق ، وان قلنا انه تكليف محض على الحاكم يرجع الى نحو الأمر بالمعروف ، وان لم يكن منه حقيقة فيجوز.
وانما قيدنا التكليف بكونه محضا لأنه لو كان فيه جهة الحقيقة أيضا توقف على مطالبة صاحب الحق أيضا. ومن هنا يعلم ضعف هذا المبنى ، لان الظاهر عدم كونه تكليفا محضا للحاكم وان لم يكن حقا محضا أيضا ، نظرا الى كون إحقاق الحق وكذا رفع الظلم عن الشخص واجبا شرعا مع توقفه على رضى المظلوم.
الثاني ـ انه لا شبهة في كونه حقا ، وانما الكلام في أن حقيته انما يتحقق بعد الالتماس ، كوجوب إقامة الشهادة واستحباب إجابة المؤمن فإنهما مأتيان بعد السؤال ، أو أنه حق قبل الالتماس أيضا. فعلى الأول لا يجوز أي لا يترتب عليه الأثر ، وعلى الثاني يجوز لان كونه حقا لا يقضي بعدم جواز أدائه قبل المطالبة ، كما في الدين فإن أداءه جائز طالب الدائن أم لا.
الثالث ـ انه لا إشكال في أنه حق مطلقا ، ولكن الإشكال في أنه من الحقوق التي تأخيرها أيضا حق لأربابها ، كالدين المؤجل على أقوى الوجهين ، لأن الدائن له الامتناع عن أخذ الدين وإبقاءه في ذمة المديون قبل بلوغ الأجل ، مع احتمال أن يكون التأجيل محض الترفيه لحال المديون فلا يكون للدائن الامتناع أم لا. فعلى الأول لا يجوز ، لا حقيقة الشيء إذا كانت بيد ذي الحق فعلا وتركا لم يجز أداؤه قبل المطالبة ، وإلا جاز وان لم يجز مع المنع لان كون الشيء حقا لا يقضى بتوقف أدائه على المطالبة مطلقا ، لأن الإذن النوعي الموجود