بيان حرمة الترافع إليهم.
( وثانيتهما ) كما هو ظاهر ما يقتضيه قاعدة اللفظ أن يقال : ان محل التعجب ليس هذا الجمع بين الأمرين بل هو ارادة التحاكم الى الطاغوت مع كونهم مأمورين بكفرانه ، فيكون حينئذ أيضا دليلا صريحا على حرمته كما لا يخفى.
لكن الأول أبلغ وآكد في المطلوب كما قلنا ، لكن يكون العدول من الايمان الى الزعم حينئذ حيث لم يقل « الى الذين آمنوا » بل قال « يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا » لنكتتين : إحداهما التنبيه على نفاقهم وأنهم يزعمون أنهم مؤمنون وليسوا منهم واقعا ، والثانية التنبيه على أن ارادة التحاكم الى الطاغوت ناش من نفاقهم أعني الايمان الزعمي ، بناء على اشعار التعليق على الوصف بعليته.
( ومن السنة ) مقبولة عمر بن حنظلة وفيها : من تحاكم الى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذه سحتا وان كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به (١).
وكلمة « سحتا » حال مفسرة للموصوف.
وقد استشكل صاحب الكفاية في كونه سحتا مع كونه حقا فيما إذا كان المتنازع فيه عينا. وفيه ان ظاهر لفظ « السحت » الدين ، لأنه عبارة عن مال الغير ، فلا ينطبق على ما إذا كان المأخوذ بحكم الطاغوت عينا إذا كان حقا ، بأن يكون المأخوذ ماله في الواقع.
ولعله توهم أن السحت مطلق المال الحرام ولو كان مال نفسه إذا حرم لعارض. وهو فاسد. بل السحت لغة معناه مال الغير المحرم. فلا دلالة في الحديث حينئذ على حرمة المأخوذ إذا كان عينا.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ١ من أبواب صفات القاضي ح ٤.