ولا إشكال ، لأن الدين لا يتشخص بدفع المدعى عليه كرها ناشئا من حكم الحاكم ، فيكون سحتا لكونه باقيا في ملك الدافع ، الا أن يتوصل الى حله بنحو آخر خارج عن مفروض الحديث كالمقاصة ونحوها ، وهو خارج عن مدلول الرواية ، ضرورة عدم سوق الحديث لا ثبات حرمة المأخوذ بحيث لا يقبل سببا محللا.
والحاصل ان مقتضى الإجبار الجوري على الدفع أنه لا يتشخص ما في ذمة الدافع في المدفوع ، ومعه لا شبهة في كونه سحتا حراما. وإمكان عروض سبب الحل بعد ذلك لمقاصة ونحوها لا ينافي الحكم بحرمته وبكونه سحتا قبل طرو السبب ـ فافهم.
هذا إذا كانت المقاصة جائزة مع وجود الحاكم وإمكان التوصل إلى الحق بحكمه ، والا فلا إشكال في الحديث أصلا ، لأن مفروض الحديث صورة إمكان الرجوع والترافع الى حكام العدل ، فيكون المأخوذ سحتا غير جار فيه التقاص أيضا.
هذا حكم حال الاختيار ، وأما حال الاضطرار ـ بمعنى عدم إمكان التوصل إلى الحق الا بالتحاكم الى حكام الجور ـ فالظاهر الجواز. وما يقال من أنه اعانة على الإثم فيحرم ، مدفوع :
أولا ـ بالمنع لاختلاف الحيثيتين ، فان التحاكم حينئذ توصل إلى الحق ، فمن هذه الحيثية لا يندرج تحت الإعانة ، فإن بعض الافعال يتنوع بحسب القصد كما لا يخفى. مع أنه لا اعانة فيه للحاكم المرجوع إليه أصلا.
وثانيا ـ ان أدلة نفي الضرر حاكم على ما دل على حرمة الإعانة ، نظير حكومتها على سائر التكاليف الشرعية. والله العالم.