سلم خروجه عن حقيقة الهدية والتبرع فلا يقدح فيما نحن بصدد تصحيحه من الاستيجار على فعل الصلاة المتقرب بها هدية أو شبه هدية.
فان قلت : العبادة مشروطة بالتقرب ، والتقرب انما هو للمهدي ، وليس مثل مسألة النيابة ، حيث أن تقرب النائب يقوم مقام تقرب المنوب عنه باعتبار كون الممثل ـ أعني الأمر ـ أمر المنوب عنه ، ولا يعقل أن يتجاوز تقرب الشخص الى شخص آخر ، فكيف يعقل الإهداء في العبادات نفسها ، مع أن شرط الإهداء انتقال المهدي الى المهدى اليه.
قلت : العمل المتقرب به إذا وقع هدية رجع جميع آثاره الى المهدى اليه ، وهذا هو معنى إهداء الأعمال ، وإلا فنفس العمل ولو لم يكن عباديا يمتنع انتقاله من عامله الى غيره ، فمعنى إهداء العمل ـ كتمليك العمل بالإجارة ـ إدخال حاصله ومنفعته وأثره ، إلى كيس الأخر وهذا المعنى لا ينافي اختصاص التقرب في العبادات بالعامل ، لان المقصود بالإهداء إدخال أثر هذا العمل المتقرب به في كيس الأخر. وبالجملة العمدة تصوير عنوان عمل آخر غير عنوان العبادة وبعد ذلك فسائر الإشكالات هينة الاندفاع ، والمسألة غامضة لا بد فيها من التأمل الصائب. والله الهادي.
( الأمر الثالث ) من الأمور التي وجودها مانع من أخذ الأجرة وعدمها شرط لحليتها أن لا يكون العمل حقا لغير المستأجر أوله قبل الإجارة ، فإنه لو كان كذلك كانت الأجرة سحتا لكونه أكلا للمال بالباطل ، مثل البيع بلا ثمن والإجارة بلا منفعة في مقابل الأجرة.
ويتفرع عليه حرمة الأجرة المأخوذة كما في مقابل ما يتعلق بالموتى من الواجبات الكفائية حتى التوصليات منها كالكفن والدفن ، فان ظاهر أدلتها أنها من حقوق الميت الواجبة على الاحياء وانه مستحق له ، فأخذ الأجرة في مقابل