والسوق والاستصحاب وغيره.
والسرّ في ذلك أنّ وجه اعتبار القطع إذا كان وجه الطريقيّة فيقوم مقامه الأمارات المعتبرة أيضا على وجه الطريقيّة ، لأنّ مفاد أدلّة اعتبارها أنّ الشارع اكتفى عن العلم في إحراز الواقع بها.
وأمّا القطع الموضوعي فلمّا كان المعتبر في موضوع الحكم الشرعي صفة القطع واليقين ، فغيرها من الأمارات الغير العلميّة غيرها ، فلا يقوم مقامها شيء منها إلاّ لدليل خاصّ ، فلو أنّ الشارع اعتبر في حفظ عدد الركعات الثنائيّة والثلاثيّة والأوليين من الرباعيّة صفة اليقين ، فلا يقوم مقامها الظنّ بمعنى رجحان أحد الطرفين ، ولا أصالة عدم الزائد إلاّ بدليل خاصّ غير أدلّة حجّية الظنّ أو أصالة عدم الأكثر في الصلاة ، ولو أنّه اعتبر في سقوط المائيّة والعدول إلى الترابيّة صفة اليأس عن الماء ، بمعنى علم المكلّف بعدمه فلا يجوز في إحرازه التعويل على البيّنة ولا استصحاب الحالة السابقة.
ولو فرض أنّه اعتبر في جواز أداء الشهادة صفة اليقين للشاهد بالمشهود به ، فلا يجوز له أن يستند في أدائها ، أو تحملّها للأداء إلى الاستصحاب أو البيّنة أو اليد ، إلاّ أنّه يظهر من رواية حفص (١) جواز الاستناد فيها إلى اليد ، ولذا لو كان مستند الشاهد في تحمّله الشهادة إقرار المديون بالدين فعند الشكّ في بقاء اشتغال ذمّته بالدين لا يجوز له أن يشهد بالبقاء استنادا إلى استصحاب حكم الإقرار السابق ، بل الواجب عليه الشهادة بالاقرار السابق ، لأنّه محلّ اليقين له ، واستصحاب حكم الإقرار بعد ثبوته بالبيّنة من وظيفة الحاكم.
ومن فروع المسألة : ما لو نذر أن يتصدّق كلّ يوم بدرهم ما دام متيقّنا بحياة ولده ، فإنّه لو شكّ في زمان في حياته لا يجب عليه التصدّق لأجل استصحاب الحياة ، أو عند قيام البيّنة ببقائها ، فأمّا لو علّق النذر بنفس حياة الولد فيكفي في وجوبه الاستصحاب.
ثمّ اعلم أنّ المرجع في معرفة أنّ العلم في موارد اعتباره من أيّ القسمين ، ليترتّب عليه قيام غيره من الأمارات مقامه وعدمه إلى الأدلّة المقامة لإعطاء ذلك الحكم الّذي يضاف إليه العلم المردّد بين الطريقي والموضوعي ، وليس لها طريق منضبط سوى الرجوع إليها.
وحينئذ يختلف الحال في مفاد الأدلّة على حسب اختلاف المقامات ، فعلى المستنبط التحرّي وحسن التأمّل لئلاّ يختلط الأمر ، فإنّه ربّما يشتبه الحال فيتوهّم العلم الطريقي علما
__________________
(١) الوسائل : ٢٧ : ٢٩٢ / ٢ ، ب ٢٥ من أبواب كيفيّة الحكم.