مجلس الخطاب ، بل ربّما قيل بدخول الغائبين من الموجودين في زمنه ، ويلزم من ذلك حجّيّة الظواهر في حقّ غير النبيّ والوصيّ.
وأمّا ثالثا : فعلى تسليم انحصار من خوطب به في الخبر فيهما فهو لا ينافي الحجيّة لغيرهما إلاّ على القول باختصاصها بمن قصد إفهامه ، وهذا ـ مع أنّ الخبر لا يدلّ عليه ـ إرجاع للكلام إلى المقام الثاني وستعرف بطلانه.
فخلاصة ما قرّرناه من المقتضي أنّ العمل بظواهر الألفاظ في جميع المخاطبات والمحاورات مبنيّ على إحراز مقدّمات :
إحداها : كون المتكلّم قاصدا للّفظ لا ساهيا ولا سابقا لسانه.
وثانيتها : كونه قاصدا للمعنى لا هاذلا ولا قاطعا نظره.
وثالثتها : كونه قاصدا لإفهام المعنى المقصود لا غير.
والأصل في هذه المراتب وإن كان يقتضي العدم ، لأنّ القصد أمر حادث والأمر عدمه ، ولكن ذلك الأصل قد انقلب إلى خلافه لإطباق العقلاء كافّة على حمل كلام كلّ متكلّم على كونه مقصودا به اللفظ والمعنى وإفهام ذلك المعنى ، ومدركه الظهور النوعي الناشئ من الغلبة في جميع المحاورات في جميع الأعصار والأمصار.
فالمقام من تعارض الأصل والظاهر ، غير أنّه أطبق العقلاء وأجمع العلماء على تقديم الظاهر وعدم الالتفات إلى الأصل ، وهذا الظهور الثابت اعتباره ببناء العقلاء وإجماع العلماء أصل ثانوي مخرج عن الأصل الأوّلي.
ثمّ يضمّ إليه مقدّمة اخرى ، وهي أنّ المعنى الّذي قصد المتكلّم إفهامه إمّا أن يكون هو الظاهر أو خلافه ، والثاني باطل للزوم الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه من غير قرينة وهو غير جائز ، للزوم الإغراء بالجهل وهو قبيح ، وهذا بالنسبة إلى الجنس وهو جنس ظواهر كلام المتكلّمين ، ثمّ ننزّل منه إلى النوع وهو ظواهر كلام الشارع في الكتاب والسنّة ونقرّر الأصل فيه على الوجه المذكور ثمّ ننزّل منه الى الصنف وهو ظواهر كلام الشارع في الكتاب بالخصوص ونقرّر فيه الأصل أيضا على الوجه المذكور ، وهذا هو إحراز المقتضي.
والجواب عن الثاني : وهو دعوى وجود المانع في وجهه الأوّل ، وهو كون المانع هو الإجمال الطارئ لظواهر الكتاب من تطرّق المخالفة والتأويل إليها المعلوم بالإجمال ، بالنقض تارة والحلّ اخرى.