في قراءة القرآن على ما في المصاحف العثمانيّة المتداولة بين الناس من السور والآي والكلمات والحروف من غير نظر فيه إلى وجوه القراءات المتداولة لديهم أيضا ، إلاّ أن يقال : بدخوله في الإمضاء والرخصة ضمنا باعتبار كونها ممّا يتداوله الناس في ضمن تداول أصل القرآن بمعنى المصاحف العثمانيّة لديهم ، فليتدبّر.
ثمّ إذا ثبت جواز متابعة القرّاء السبع وجواز الأخذ بقراءاتهم فهل يجب الاقتصار على هذه القراءات ولا يجوز التعدّي إلى غيرها أو لا؟ بل يجوز التعدّي إلى غيرها ، بل يجوز ترك متابعتها رأسا؟
قال في مفتاح الكرامة بالأوّل إستنادا إلى أصل الاشتغال بتوهّم جريانه في المقام ، بتقريب : « ملاحظة اتّفاق المسلمين على جواز الأخذ بها واختلافهم في الأخذ بغيرها ، ويقين البراءة لا يحصل إلاّ بالأخذ بها فيجب » (١) وفيه من الوهن ما لا يخفى ، إذ المقام من مجاري أصالة البراءة النافية لشرطيّة شيء في العبادة عند عدم الدليل على الشرطيّة لا أصل الاشتغال ، فإنّ اشتغال الذمّة بأصل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها ثابت ، والشكّ في وجوب مراعاة إحدى القراءات السبع على أنّها شرط في صحّة القراءة ولا دليل على
الوجوب ، إذ ما تقدّم من الإجماعات المنقولة منقولة على الجواز ، لأنّه المأخوذ في معاقدها ـ كما تقدّم ـ فلا تفيد وجوب الأخذ.
وأمّا الأخبار : فعدم دلالة الأخير منها على الوجوب مع ما فيه من إيهام التقيّة واضح.
وأمّا ما قبله : فلظهور الأمر الموجود فيه في الاستحباب بقرينة وقوعه جوابا للسؤال عن الترتيل المجمع على استحبابه ، وهذا ربّما يقرب كون الترتيل عبارة عمّا فسّره في النفليّة ـ تبعا لعلماء التجويد على ما حكي ـ بتبيين الحروف بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق والغنّة وغيرها والوقف التامّ والحسن وعند فراغ النفس مطلقا.
وأمّا الخبران الآخران : فالأمر الواقع فيهما من الأمر الواقع عقيب توهّم الحظر أو ظنّه ، كما يرشد إليه قول الراوي في أحدهما : « فهل نأثم » فلا يفيد إلاّ الإباحة والرخصة في الفعل ، وكذا الكلام في المرسل ، ولعلّ النكتة في تعبير الأصحاب في الفتاوي ومعاقد الإجماعات المتقدّمة بالجواز هو كون الأوامر الواردة في أخبار الباب لا تفيد ـ لأجل ما ذكر ـ أزيد من الرخصة المرادفة للجواز.
هذا مضافا إلى أنّ « ما يقرأه الناس » ، و « ما تعلّمتم » ، و « ما علّمتم » في هذه الأخبار
__________________
(١) مفتاح الكرامه ٧ : ٢٢١.