صديقا في ابتياع أمة أو عقد على امرأة في بلد ، أو في بلاد نائية ، فحمل إليه الجارية وزفّ إليه المرأة ، أو أخبر أنّه أزاح العلّة في ثمن الجارية ومهر المرأة ، وأنّه اشترى هذه وعقد على تلك ، أنّ له وطئها والانتفاع بها في كلّ ما يسوغ للمالك والزوج ، وهذه سبيله مع زوجته وأمته إذا أخبرته بطهرها وحيضها ، ويرد الكتاب على المرأة بطلاق زوجها أو بموته فتتزوّج ، وعلى الرجل بموت امرأته فيتزوّج اختها ، وكذا لا خلاف بين الامّة في أنّ للعالم أن يفتي ، وللعامي أن يأخذ منه مع عدم علمه أنّ ما أفتى به من شريعة الإسلام وأنّه مذهبه.
فأجاب عنه بما حاصله : « أنّه إن كان الغرض من هذه الردّ على من أحال التعبّد بخبر الواحد فمتوجّه فلا محيص عنه ، وإن كان الغرض الاحتجاج به على وجوب العمل بأخبار الآحاد في التحليل والتحريم ، فهذه مقامات ثبت فيها التعبّد بأخبار الآحاد من طرق علميّة ، من إجماع وغيره على أنحاء مختلفة في بعضها لا يقبل إلاّ أخبار أربعة ، وفي بعضها لا يقبل إلاّ عدلان ، وفي بعضها يكفي العدل ، وفي بعضها يكفي خبر الفاسق والذمّي كما في الوكيل ومبتاع الأمة والزوجة في الطهر والحيض ، وكيف يقاس على ذلك رواية الأخبار في الأحكام » (١) انتهى ملخّصا.
والذي دعاه إلى هذا الجواب ، كون السؤال نقضا بالموارد الخاصّة من الأخبار [ الغير ] العلميّة المعمول بها عند الامّة بلا خلاف.
فأجاب بأنّها مخرجة بأدلّة خاصّة علميه ، فلا يقاس عليها الروايات المأثورة عن الأئمّة ، وأمّا الاستدلال بالسيرة بالبيان الّذي ذكرناه ، فهو سالم عن الاعتراض المذكور.
ورابعها : استقرار طريقة العقلاء طرّا على الرجوع بخبر الثقة في امورهم العادية ، ومنها الأوامر الجارية من الموالي الى العبيد ، فإنّ العبيد في الإطاعة والمعصية بموافقة أوامر الموالي ومخالفيها يعتمدون على نقل الثقات للأوامر من الموالي مع صدق الطاعة والمعصية عرفا أيضا ، وربّما قيل في توجيه الاستدلال بذلك : « بأنّ الشارع إن اكتفى بذلك منهم في الأحكام الشرعيّة فهو ، وإلاّ وجب عليه ردعهم وتنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق في الأحكام الشرعيّة ، كما ردع في أحكام خاصّة ، وحيث لم يردع علم منه رضاه بذلك ، لأنّ اللازم في باب الإطاعة والمعصية ، الأخذ بما يعدّ طاعة في العرف وترك ما يعدّ معصية كذلك » (٢).
وفيه : نظر واضح ، فإنّ عدم الردع عن الطريقة في الامور العادية ـ بمعنى ما يتعلّق بامور المعاش ـ لا يكشف عن الرضا ، لعدم وجوب الردع عنها لو كانت باطلة على الشارع
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٣٧ ـ ٤١.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٣٤٥.