النهاية (١) وعنه أنّه ذكر فيها مواضع كثيرة ممّا عمل فيها الصحابة بخبر الواحد.
وقد يورد عليه : بأنّه إن اريد من الصحابة العاملين بالخبر ، من كان في ذلك الزمان لا يصدر إلاّ عن رأي الحجة عليهالسلام ، فلم يثبت عمل أحد منهم بخبر الواحد فضلا عن ثبوت تقرير الإمام عليهالسلام له ، وإن اريد به الهمج الرعاع الذين يصغون إلى كل ناعق ، فمن المقطوع به عدم كشف عملهم عن رضا الإمام عليهالسلام لعدم ارتداعهم بردعه في ذلك اليوم ، ولعلّ هذا مراد السيّد رحمهالله حيث أجاب عن هذا الوجه « بأنّه إنّما عمل بخبر الواحد المتأمّرون الّذين يحتشم التصريح بخلافهم ، فإمساك النكير عليهم لا يدلّ على الرضا بعملهم » (٢).
وهذا كما ترى خلاف الإنصاف ، لأنّ عمل الّذين يحتشم التصريح بخلافهم بخبر الواحد على تقدير كونه محرّما ليس بأشدّ من عملهم بالقياس ، وقد منع الأئمّة عليهمالسلام من العمل به وصرّحوا بخلافهم في الخلأ والملأ ، حتّى صدر عنهم في ذلك رواية متكاثرة بل متواترة بل بالغة فوق حدّ التواتر ، حتّى صار حرمته بواسطة إكثارهم عليهم في المنع من ضروريّات مذهب الشيعة ، فعملهم في مثل ذلك بملاحظة عدم ردع الأئمّة عليهمالسلام عن ذلك أصلا لا في الملأ ولا في الخلأ ، حتّى أنّه لم يصدر عنهم في منعه رواية واحدة حتّى لبعض خواصّهم يكشف عن الرضا قطعا.
نعم إن كان ولابدّ من المناقشة في هذا الوجه من تقرير الإجماع ، فطريقها منع الصغرى ، وهو منع كون الأخبار المعمول بها ثمّة أخبار غير علميّة ، على وجه كانوا مجمعين على العمل بها بوصف كونها غير علميّة.
نعم لا مضائقة عن كون [ عمل ] أكثر عوامهم من جهة المسامحة وقلّة المبالاة في الدين كذلك ، كما هو الحال في أكثر أعوام هذه الأزمان والأيّام ، حيث يصغون إلى كلّ ناعق لعدم تميزهم وقلّة مبالاتهم ، وهذا لا يكفي في انعقاد الإجماع وحصوله.
وسادسها : دعوى الإجماع من الإماميّة حتّى السيّد وأتباعه على وجوب الرجوع إلى هذه الأخبار الموجودة في أيدينا المودعة في اصول الشيعة وكتبهم ، وهذا هو الّذي ربّما فهمه بعضهم (٣) من عبارة الشيخ المتقدّمة عن العدة (٤) ، فحكم بعدم مخالفته للسيّد قدسسره.
وأورد عليه أوّلا : بأنّه إن اريد ثبوت الاتّفاق على العمل بكلّ واحد واحد من أخبار
__________________
(١) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ٢٩٥.
(٢) الذريعة ٢ : ٥٣٧.
(٣) هو الشيخ حسين الكركي العاملي في كتاب هداية الأبرار إلى طريق الأئمّة الأطهار : ٦٨ و ٦٩.
(٤) العدّة ١ : ١٢٦ و ١٢٩ و ١٤٢.