للاصول غير مداليل هذه الأخبار ، فهو ليس بمعلوم ولا مظنون.
لأنّا نقول : حصول العلم الإجمالي في خصوص هذه الأخبار أمر مسلّم لا كلام لنا فيه ، ولا يمكن الاسترابة فيه أيضا ، إلاّ أنّه لا ينافي العلم الإجمالي بصدور الأحكام في مجموع الأمارات الّتي منها هذه الأخبار ، فالأمارات الاخر غير خارجة عن طرف العلم الإجمالي بصدور الأحكام الكثيرة عن أهل بيت العصمة ، وهذا نظير العلم الإجمالي بوجود شياة محرّمة في قطيع غنم هذا البلد المجامع للعلم الإجمالي بوجود شياة محرّمة في مجموع قطاع أغنام العالم.
غاية الأمر أنّ المعلوم بالإجمال إذا أخذ في المجموع ، كان آحاده الغير المعلومة بالتفصيل أكثر ممّا أخذ في خصوص قطيع هذا البلد ، وفي خصوص هذه الأخبار ، والأصل في ذلك أنّ الأخبار الصادرة عن أهل بيت العصمة ممّا وصل إلينا وما لم يصل في الكثرة أضعاف هذه الأخبار الواصلة إلينا ، فتكون الأحكام الصادرة عنهم المخالفة للاصول أضعاف الأحكام المستفادة من هذه الأخبار.
فنقول : إنّا نعلم إجمالا بصدور أحكام كثيرة غير محصورة عن الأئمّة عليهمالسلام بهذه الأخبار الواصلة إلينا ، وبأخبار اخر غير واصلة إلينا ، ويكشف عنها سائر الأمارات الظنّيّة ، فتصحّ دعوى كون العلم الإجمالي حاصلا في مجموع الأمارات لا في خصوص أخبار الآحاد فقط.
وأمّا ثانيا : فلأنّ نتيجة هذا الدليل على تقدير تماميّته إنّما هو الأخبار المظنون صدق مضامينها من الأحكام وصدورها من الإمام ، فإنّ متعلّق التكليف الذي يتنجّز بسبب العلم الإجمالي إنّما هو العمل بالحكم الصادر عن الإمام ، والعمل بالخبر إنّما يعتبر مقدّمة له لا في نفسه ، فيكون متعلّق التكليف المقدّمي أيضا في الأخبار المظنونة هو العمل بالأحكام المظنونة المستفادة منها ، فالقدر الثابت بالدليل هو وجوب العمل بخبر يظنّ بصدق مضمونه وصدوره من الإمام ولو بإعانة الشهرة ونحوها ، لا كلّ خبر ظنّ بصدق نفسه وصدوره من الإمام وإن لم يظنّ بصدق مضمونه وصدوره ، والنسبة بين ظنّ صدور الخبر وظنّ صدور مضمونه عموم من وجه ، والظنّ بالحكم الصادر من الإمام الّذي هو مضمون الخبر لا يلازم الظنّ بصدور نفس الخبر ، لأنّه قد يظنّ صدور مضمونه من جهة الشهرة ونحوها ، وصدور مضمونه أعمّ من صدوره بنفس هذا الخبر أو بمرادفه ، فقد يظنّ صدق الخبر ولا يظنّ صدق مضمونه ، وقد يظنّ صدق مضمونه ولا يظنّ صدق نفس الخبر ، وقد يظنّ صدقهما معا ،