فعن القمّي في تفسيره ، قال : « لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا » (١).
وعن الباقر عليهالسلام [ في قوله عز وجلّ : « لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضا » ] يقول : « لا تقولوا يا محمّد ولا يا أبا القاسم ، لكن قولوا : يا نبيّ الله ويا رسول الله » (٢) وهذا المعنى كما ترى ممّا لا تعلّق له بالآية اللاحقة ليكون قرينة على إرادة القول من الأمر.
ومنها : قوله تعالى : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )(٣) يدلّ على وجوب الأخذ بكلّ ما أتاه الرسول والتأسّي به أخذ بما أتاه فيكون واجبا.
وفيه : منع صدق إيتانه لنا على ما فعله واجبا أو مندوبا أو مباحا من دون قصد إلى البيان كما هو موضوع المسألة ، ومع الغضّ عن ذلك فالنهي قرينة على إرادة الأمر من الإيتاء.
ومنها : قوله تعالى : ( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ )(٤) أمر باتّباعه معلّقا على محبّة الله فيكون واجبا ، والاتّباع هو الإتيان بمثل فعله على الوجه الّذي فعله لأجل أنّه فعله ، وهذا بعينه هو معنى التأسّي.
وفيه : أنّ اتّباع الشخص مقول بالتواطئ على موافقته في كلّ ما يفعل ، أو على موافقته في كلّ ما يقول.
والأوّل عبارة عن الإتيان بمثل ما فعله على الوجه الّذي فعله.
والثاني عن الإتيان بما يأمر به وترك الإتيان بما ينهى عنه ، فلابدّ في قوله : ( فَاتَّبِعُونِي ) من تقدير متعلّق ، وهو مردّد بين الأمرين ، ونحن إن لم ندّع كونه أظهر في الثاني فلا أقلّ من أن نمنع ظهوره في الأوّل ، هذا ولكن لو ادّعي ظهوره في الأعمّ باعتبار حذف المتعلّق لم يكن بعيدا ، ولعلّه عليه مبنى الاستدلال.
ومنها : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(٥) فإنّ التأسّي بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو اولي الأمر فيما فعله إطاعة له فيكون واجبا للأمر بها في الآية.
واجيب : بأنّ إطاعة الله لا يكون إلاّ بموافقة أمره أو نهيه ، فكذلك إطاعة الرسول واولي الأمر لمكان العطف ، ولا خفاء في ضعفه.
__________________
(١) تفسير القمّي : ٤٦٢.
(٢) بحار الأنوار ١٧ : ٢٧ / ١.
(٣) سورة الحشر : ٧.
(٤) سورة آل عمران : ٣١.
(٥) سورة النساء : ٥٩.