ومنها : سكوته على من كفّر في صلاته واحتمل في حقّه التقيّة ، فلا يدلّ على جوازه في غير حال التقيّة.
ومنها : سكوته على من أكل لحم الإرنب مع احتمال كونه لأجل الاضطرار إلى أكله لسدّ الجوع ، فلا يدلّ على إباحته مطلقا حتّى في غير حال الاضطرار.
ومنها : سكوته على من أكل طين الأرمن مع قيام احتمال كونه للتداوي ، فلا يدلّ على إباحة أكله في غير مقام التداوي.
[ منها ] : سكوته على من شرب الفقّاع واحتمل في حقّه الجهل بالموضوع ، فلا يدلّ على إباحته في حقّ العالم.
ففي الجميع يجب الاقتصار على القدر المتيقّن والتوقّف في غيره ، لمكان إجمال التقرير بالقياس إلى ما عدا المتيقّن ، ومرجع الجميع إلى عدم حكم العقل بالنظر إلى الإجمال الناشئ عن الاحتمال ، فليتدبّر.
ثمّ إنّ من تقرير المعصوم فيما فعل في عصره واطّلع عليه ، وتمكّن من ردعه ولم يردع السيرة الّتي يتمسّك بها الفقهاء في أبواب الفقه من العبادات والمعاملات ، فمن الاولى ما تمسّكوا به للصلاة في الصحاري المتّسعة ، ومن الثانية ما تمسّكوا به للمعاملة المعاطاطيّة ، فإنّ مناط حجّيّتها كشفها عن تقرير المعصوم من النبيّ أو الإمام ، ولذا يعتبر فيها كونها قديمة مستمرّة من زمن النبيّ أو أعصار الأئمّة عليهمالسلام ، فلو كانت حادثة في الأزمنة المتأخّرة عن أعصارهم لا عبرة بها ، وكذلك ما شكّ في حدوثها وقدمها.
ومن السيرة الكاشفة عن التقرير الكاشف عن رضا المعصوم الملازم للواقع بناء العقلاء الّذي لا يزال العلماء يتمسّكون به في الجملة ، فإنّ موارد التمسّك به مختلفة ، فقد يتمسّك به في الامور اللغويّة ومنه بناء العقلاء على ذمّ العبد التارك لامتثال أمر مولاه ، فإنّه يكشف عن فهمهم الوجوب من الأمر ، فيثبت به كون الأمر حقيقة في الوجوب ، وقد يتمسّك به في المطالب العقليّة ، ومنه بناء العقلاء على مدح من أحسن على المسيء وذمّ من أساء على المحسن ، فإنّه يكشف عن حكم العقل باستحقاق الأوّل للمدح والثاني للذمّ ، فيثبت به حسن الإحسان وقبح الإساءة.
وقد يتمسّك به في الأحكام الشرعيّة كجواز أخذ الماء واستعماله من الأنهار المملوكة في الصحاري والأملاك من دون مراعاة إذن مالكيها ، وهذا الأخير من السيرة الكاشفة عن