الشرعي بالحكم العقلي ، ومرجع حكم العقل في الاستلزامات إلى إدراكه الحكم الشرعي وهو الوجوب أو غيرهما للمقدّمة أو الضدّ أو غيرهما لمقدّمات تترتّب عنده ، فالتوصّل إلى الحكم الشرعي قد حصل بإدراكه له بالفرض ، ومعه لا معنى للبحث عن الملازمة بين ما أدركه وبين الحكم الشرعي ، لأنّ ما أدركه نفس الحكم الشرعي المتوصّل إليه.
نعم لمّا كان ما أدركه هو الوجوب أو الحرمة أو غيرهما على الوجه الكلّي باعتبار كون معروضه « المقدّمة » أو « الضدّ » بعنوانهما الكلّي فهو ليس من الحكم الشرعي بالمعنى المبحوث عنه في الفقه ، وهو مصداق الوجوب والحرمة العارض لمثل طيّ مسافة الحجّ والصلاة في المسجد مكان إزالة النجاسة عنه بواسطة كونه مقدّمة للواجب أو ضدّا للمأمور به المضيّق ، ولكن اجراء حكم الكلّي فيما هو من مصاديقه لا يحتاج إلى ملازمة اخرى ، بل يكفي فيه اندراجه تحت ذلك الكلّي وكونه من مصاديقه.
نعم ربّما أمكن اجراء نزاع الأخباريّة في حجّية إدراكات العقل في الاستلزامات أيضا ، غير أنّه ـ بعد تسليمه على ما عرفت ـ نزاع اخر غير النزاع في الملازمة ، فالنزاع في الملازمة مخصوص بمسألة التحسين والتقبيح العقليّين واقع بعد الفراغ عن اثبات حكم العقل بالحسن والقبح.
ثمّ إنّ الملازمة بين الحكمين إمّا أن تكون بديهيّة ثابتة بالبداهة ، أو تكون نظريّة تثبت بواسطة مقدّمات نظريّة.
فإن اريد الأوّل فالحقّ أنّها ثابتة ، ولكن بين حكم العقل وحكم الشرع بمعنى المحبوبيّة والمبغوضيّة اللتين يترتّب عليهما استحقاق الثواب والعقاب ، وذلك لأنّه بعد ما ثبت حكم العقل بكون الفعل حسنا أو قبيحا في حكمه تعالى فيعلم بالبداهة أنّه بحيث يحبّه تعالى أو يبغضه ، كما هو شيمة كلّ عاقل حكيم حيث إنّه يحبّ ما يوجب في فاعله استحقاق المدح ويبغض ما يوجب في فاعله استحقاق الذمّ ، وأمّا ثبوت أزيد من ذلك من الجعل الواقعي أو الطلب الفعلي فيحتاج إلى إعمال مقدّمات نظريّة اخر ، ولعلّه كاف في مقالة الخصم المنكر للملازمة بين الحكم العقلي والحكم الشرعي بمعنى الوجوب والحرمة ، المفسّرين بكون الفعل بحيث يستحقّ فاعله الثواب وتاركه العقاب أو بالعكس ، بل قد يقال : إنّ حقيقة الحكم الشرعي هو المحبوبيّة والمغبوضيّة والإرادة والكراهة لا غير ، وأنّ غيرهما من المجعول الواقعي أو الطلب الفعلي المعبّر عنه ب « الإيجاب » و « التحريم » فإنّما يعتبر