والجواب : أنّهم شيعة آل أبي سفيان ، كما خاطبهم الإمام الحسين عليهالسلام ، وهذه بعض النصوص التي تبيّن مذهب أهل الكوفة في ذلك الزمن ، فقد نقل ابن بطّة أحد علماء السنّة في المنتقى : « عن عبد الله بن زياد بن جدير قال : قدم أبو إسحاق السبيعي الكوفة ، قال لنا شمر بن عطية : قوموا إليه ، فجلسنا إليه ، فتحدّثوا ، فقال أبو إسحاق : خرجت من الكوفة ، وليس أحد يشكّ في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما ، وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون ، لا والله ما أدري ما يقولون ».
وقال محبّ الدين الخطيب في حاشية المنتقى : « هذا نصّ تاريخي عظيم في تحديد تطوّر التشيّع ، فإنّ أبا إسحاق السبيعي كان شيخ الكوفة وعالمها ، ولد في خلافة أمير المؤمنين عثمان ، قبل شهادته بثلاث سنين ، وعمّر حتّى توفّي سنة ١٢٧هـ ، وكان طفلاً في خلافة أمير المؤمنين علي ... ».
إذاً ، فأبو إسحاق شيخ الكوفة وعالمها ، كان يبلغ من العمر ثمان وعشرين عاماً في سنة استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام ، ومنه نفهم بأنّ الناس في الكوفة ـ في ذلك العام بالذات ـ كانوا على حسب قوله : ليس منهم أحد يشكّ في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما ، وبناءً على ذلك ، فالذين كاتبوا الإمام الحسين عليهالسلام ثمّ خانوه وقتلوه لم يكونوا شيعة ، يقدّمون علي بن أبي طالب عليهالسلام على أبي بكر وعمر.
وقد ذكر التاريخ : أنّ عبيد الله بن زياد ، قد سجن الشيعة المخلصين للإمام الحسين عليهالسلام حتّى امتلأت سجونه منهم ، فهؤلاء هم الشيعة في ذلك الوقت!
ولذا قال الذهبي في الميزان : « كالتشيّع بلا غلوّ ولا تحرّف ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع والصدق ، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بيّنة ... فالشيعي الغالي في زمان السلف ، وعرّفهم هو من تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية ، وطائفة ممّن حارب علياً وتعرّض لسبّهم » (١).
__________________
١ ـ ميزان الاعتدال ١ / ٥.