إنّها كذبة تضاف إلى غيرها! وجملة : « عاب عليه قومه ذلك » ، بعد انضمامه إلى معسكر الحسين عليهالسلام ، فهو تحريف لعبارة ابن كثير في البداية والنهاية ، حيث قال : « فلامه بعض أصحابه على الذهاب إلى الحسين ... » (١) ، وكُلّ ناطق بالضاد يعرف بأنّ اللوم غير التعييب ، رغم أنّ ابن كثير نفسه قد اختصر النصّ اختصاراً مخلاً ، إذا ما قارناها بالعبارة التي نقلها ابن جرير الطبري : « فأخذ يدنو من حسين قليلاً قليلاً ، فقال له رجل من قومه ـ يقال له المهاجر بن أوس ـ : ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء ، فقال له : يا ابن يزيد ، والله إنّ أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلاً ما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك؟
قال : إنّي والله أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ، ووالله لا أختار على الجنّة شيئاً ، ولو قطّعت وحرّقت ، ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين » (٢).
فنلاحظ أنّ ابن كثير بدأ بالتحريف ، ثمّ جاء الكاتب واستعمل التزييف!! وما فعلهما إلاّ من تأثير الهوى والتعصّب ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
افتراؤه بأنّ الحسين عليهالسلام لم يمنع من الماء!
قال الكاتب : « وأمّا قصّة منع الماء ، وأنّه مات عطشاناً ، وغير ذلك من الزيادات التي إنّما تذكر لدغدغة المشاعر ، فلا يثبت منها شيء ».
لقد زاد هذا الكاتب في بغضه لأهل البيت عليهمالسلام حبّه لقاتليهم ، على أسياده وأئمّته ، فاستعمل الكذب الصريح المخالف لقول إمامه ابن كثير!!
قال ابن كثير : « وهذه صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة هذا الشأن ، لا كما يزعمه أهل التشيّع من الكذب » (٣) ، فما يقوله ابن كثير هنا ـ كما يزعم ـ خال عن الكذب ، وهو يردّ كذب هذا الكاتب!
__________________
١ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٩٥.
٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٢٥.
٣ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٨٦.