ثمّ نسأل المنصفين : هل الفساد هو أن تجهر بصوتك لإحقاق الحقّ والدين؟ والوقوف بوجه الظلمة؟ أمّ أنّ الفساد هو مداهنة الظلمة؟ ومد يد الخنوع والخضوع ليزيد؟ فصوّروا بذلك الإسلام هو دين الضعف والذل أمام الجبابرة لا دين العزّة ، وذلك الضعف كان مقدّمة واقعة الحرّة بكُلّ فظاعتها؟!
فهل كان موقف الحسين عليهالسلام عند الكاتب أسوء من موقف أُولئك الذين مدّوا ليزيد ليفعل ما يشاء؟ ألهذا لم نسمع نقداً صريحاً لأنصار يزيد طوال القرون الماضية؟
لا ، ولكنّه النصب والعداوة الذي يدفع البعض ليتجرّأ على أهل البيت عليهمالسلام ، ويمدح الذين ركعوا أمام يزيد ، والمشتكى إلى الله ربّ العالمين.
البدعة ومراسم العزاء على الإمام الحسين عليهالسلام.
قال : « لا يجوز لمن خاف الله إذا تذكّر قتل الحسين ومن معه ، أن يقوم بلطم الخدود ، وشقّ الجيوب والنوح وما شابه ذلك ، وما علم أنّ علي بن الحسين ، أو ابنه محمّد ، أو ابنه جعفر ، أو موسى بن جعفر ، ما عرف عنهم ولا عن غيرهم من أئمّة الهدى ، أنّهم لطموا أو شقّوا أو صاحوا ، فهؤلاء هم قدوتنا ... ».
لابدّ أن نقرّر بداية ، بأنّ العناوين العامّة في الشريعة الإسلامية ـ كإحياء أمر الدين ، وتوقير النبيّ صلىاللهعليهوآله بين المسلمين ـ إنّما هي عناوين شرعية عامّة ، لا يناقش فيها مسلم ، لذلك ترى المسلمين قاطبة ـ إلاّ المتمسلفين ـ يدعون للاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، ويوم الإسراء والمعراج وغيرها ، كمصاديق لإحياء أمر الدين.
ومن السيرة التي يراها كُلّ عاقل على مرّ القرون ، يجد بأنّ للعرف أن يحدّد الطريقة المناسبة لإحياء أمر الدين ، شريطة أن يصدق عليها توقير مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإن لم يردّ نصّ صريح بخصوص الكيفية.
ولولا ذلك لما جاز تغيير وتطوير أساليب الدعوة ـ كطباعة الكتب ، والتلفزيون والمذياع ، والندوات والمخيّمات ، والمدارس الدينية ـ التي لم تكن في