السنّة ، فقد روى ابن بابويه القمّي في من لا يحضره الفقيه : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « النياحة من عمل الجاهلية » (١).
إنّ إشكال القوم على الشيعة ، فيما يخصّ مراسيم إحياء ذكرى سيّد الشهداء عليهالسلام محصورة في النقاط التالية :
أ ـ منع البكاء على الميّت مطلقاً.
واستدلّوا على ذلك : « وإنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه » (٢) ، وقد رواه ابن عمر ، ويرد عليه :
أوّلاً : لاشكّ ببطلان مثل هذا الادعاء ، خاصّة مع وضوح بكاء النبيّ يعقوب على ابنه يوسف عليهماالسلام في قوله تعالى : ( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) (٣).
ثانياً : إنّ عائشة لم تقبل بذلك ، وقد صرّحت بأنّ ابن عمر لم يحفظ الرواية بصورة صحيحة ، وأنّ قوله هذا مخالف لقوله تعالى : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (٤) ، كما يروي ذلك البخاري في كتاب المغازي ، ومسلم في كتاب الجنائز.
ب ـ الإشكال على خصوص تكرار البكاء على الإمام الحسين عليهالسلام ، وإعادة ذكر مصيبته في كُلّ سنة.
أوّلاً : يرد هذا الأمر بأنّ يعقوب عليهالسلام قد أشكل عليه أبناؤه ، كما ينقل عنهم القرآن الكريم : ( قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ) (٥) ، فقوله ( تَفْتَأُ ) دليل على تكراره ذلك الأمر ، فحسب الشيعة فخراً أن تقتدي بأنبياء الله عليهمالسلام حينما يبكون على أوليائه.
__________________
١ ـ من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٧٦.
٢ ـ صحيح البخاري ٢ / ٨٥.
٣ ـ يوسف : ٨٤.
٤ ـ فاطر : ١٨.
٥ ـ يوسف : ٨٥.