ومنها البكاء على جعفر وأصحابه ، وكان استشهادهم في السنة الثامنة ، ومنها البكاء على زينب ، وكان موتها في السنة الثامنة أيضاً ، ومنها البكاء على سعد بن معاذ ، وكان موته في الخامسة ، ومنها البكاء عند قبر أُمّه صلىاللهعليهوآله ، وكان عام الفتح في السنة الثامنة » (١).
البكاء على الحسين سنّة سنّها رسول الله صلىاللهعليهوآله :
فقد كان صلىاللهعليهوآله أوّل من أخبر بواقعة شهادة الحسين عليهالسلام ، وأوّل الباكين عليه عند ولادته عليهالسلام.
روى ابن حبّان في صحيحه عن أنس بن مالك قال : « استأذن ملك القطر ربّه أن يزور النبيّ صلىاللهعليهوآله فأذن له ، فكان في يوم أُمّ سلمة.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « احفظي علينا الباب ، لا يدخل علينا أحد » ، فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فظفر فاقتحم ففتح الباب فدخل ، فجعل يتوثّب على ظهر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وجعل النبيّ يتلثّمه ويقبّله ، فقال له الملك : أتحبّه؟ قال : « نعم » ، قال : أما إنّ أُمّتك ستقتله ، إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟ قال : « نعم » ، فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأراه إيّاه ، فجاءه بسهلة أو تراب أحمر ، فأخذته أُمّ سلمة فجعلته في ثوبها » (٢).
وأمّا بكاؤه صلىاللهعليهوآله عليه ، فقد روى أحمد في مسنده عن نجي عن أبيه أنّه سار مع علي عليهالسلام ـ وكان صاحب مطهرته ـ فلمّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفّين ، فنادى علي : « اصبر أبا عبد الله ، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات » ، قلت : وماذا؟
قال : « دخلت على النبيّ صلىاللهعليهوآله ذات يوم ، وعيناه تفيضان؟ قلت : يا نبي الله أغضبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال : بل قام من عندي جبرائيل قبل ، فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات ، قال : فقال : هل لك إلى أن أشمّك من
__________________
١ ـ عدّة الصابرين : ١٠٤.
٢ ـ صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٤٢.