كِتَابٍ ) (١) ، فقال يزيد لابنه خالد : أجبه ، قال : فما درى خالد ما يردّ عليه ، فقال له يزيد : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) (٢) ، فسكت عنه ساعة » (٣).
وذكر في نفس الصفحة عن فاطمة بنت علي قالت : إنّ رجلاً من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه ـ يعنيني ـ وكنت جارية وضيئة ، فارتعدت فزعة من قوله ، وظننت أنّ ذلك جائز لهم ، فأخذت بثياب أختي زينب ـ وكانت أكبر منّي وأعقل ، وكانت تعلم أنّ ذلك لا يجوز ـ فقالت لذلك الرجل : « كذبت والله ولؤمت ، وما ذلك لك وله » ، فغضب يزيد فقال لها : كذبت ، والله إنّ ذلك لي ، ولو شئت أن أفعله لفعلت.
قالت : « كلاّ والله ، ما جعل الله ذلك لك ، إلاّ أن تخرج من ملّتنا ، وتدين بغير ديننا » ، قالت : فغضب يزيد واستطار ، ثمّ قال : إيّاي تستقبلين بهذا؟ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك ، فقالت زينب : « بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدّي اهتديت أنت وأبوك وجدّك » ، قال : كذبت يا عدوّة الله.
قالت : « أنت أمير المؤمنين مسلّط تشتم ظالماً تقهر بسلطانك » ، قالت : فو الله كأنّه استحى فسكت ، ثمّ قام ذلك الرجل فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه ، فقال له يزيد : أعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً.
وذُكر أيضاً : لمّا وضع رأس الحسين بين يدي يزيد بن معاوية ، جعل ينكت بقضيب كان في يده في ثغره ، ثمّ قال : إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام المري :
يفلقن هاما من رجال أعزّة |
|
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما |
__________________
١ ـ الحديد : ٢٢.
٢ ـ الشورى : ٣٠.
٣ ـ البداية والنهاية ٨ / ٢١١.