فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمها ، حتّى وقع على قبر الحسين فبكى ، وقال : بأبي أنت وأُمّي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ، ثمّ أنشأ يقول :
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه |
|
فطيب تراب القبر دلّ على القبر (١) |
وممّا يدلّ على بقاء محلّه معروفاً ، ما ينقله ابن كثير : « ثمّ دخلت سنة ستّ وثلاثين ومائتين ، فيها أمر المتوكّل بهدم قبر الحسين بن علي بن أبي طالب ، وما حوله من المنازل والدور » (٢).
نقل ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء معلّقاً : « وكان المتوكّل فيه نصب وانحراف » (٣).
وذكر ذلك السيوطي في تاريخه (٤) ، ثمّ قال : « ذكر أنّ الخليفة المنتصر بالله ، الذي كان راغباً في الخير ، قليل الظلم ، محسناً إلى العلويين ، وصولاً لهم ، أزال عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة ، بمنعهم من زيارة قبر الحسين ، وردّ على آل الحسين فدك » (٥).
بل كان القبر معروفاً إلى عام ٥٥٣ هـ ، قال ابن كثير : « ثمّ دخلت سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ... ، وفيها خرج المقتفي نحو الأنبار متصيّداً ، وعبر الفرات ، وزار قبر الحسين » (٦).
وختام الكلام : نحن ـ كشيعة ـ نعلم يقيناً بأنّ من أهل السنّة من يحبّ أهل البيت عليهمالسلام ، فأهل البيت ليسوا حكراً على الشيعة ، فقد أمر الله بمودّتهم المسلمين جميعاً ، بل هناك من النصارى من يحبّهم ، وقد تأثّر بهم ، وكتب عنهم!
__________________
١ ـ البداية والنهاية ٨ / ٢٢١.
٢ ـ المصدر السابق ١٠ / ٣٤٧.
٣ ـ سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٥.
٤ ـ تاريخ الخلفاء : ٣٤٧.
٥ ـ المصدر السابق : ٣٥٦.
٦ ـ البداية والنهاية ١٢ / ٢٩٦.