يقول ابن بابويه : « إنّ الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبيّ صلىاللهعليهوآله ويقولون : لو جاز أن يسهو عليهالسلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ ، لأنّ الصلاة فريضة كما أنّ التبليغ عليه فريضة ... وليس سهو النبيّ صلىاللهعليهوآله كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزّ وجلّ ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق ، فلا يتّخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ... وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يقول : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ صلىاللهعليهوآله » (١).
قد يظنّ ظانّ أنّ نفي العصمة على الصورة الإمامية فيه تنقيص من شأن الأنبياء؟ فنقول : إنّ الصواب هو أن تعتقد فيما دلّت عليه نصوص الكتاب ، ولاشكّ أنّ الغلوّ في أي أمر لا يعدّ أمراً محموداً بل هو مذموم.
ونقول : إنّ الأنبياء عليهمالسلام إن أخطأوا فإنّهم سرعان ما يتوبون ، ويكونون بعد الذنب خيراً منهم قبل الذنب ، إذ بدّل الله سيّئاتهم حسنات ، والله تعالى يحبّ التوّابين العائدين.
ج : إذا ثبت عندنا بالدليل القاطع أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يستحيل عليه السهو مطلقاً ، فإنّ كُلّ الروايات التي ظاهرها يوحي إلى نسبة السهو للنبي صلىاللهعليهوآله يجب أن تأوّل إلى ما يتوافق مع الدليل القاطع ـ سواءً كان ذلك الدليل القاطع عقلياً أو نقلياً ـ وعلى هذا الأساس حمل الشيخ الحرّ العاملي قدسسره الروايات على التقية ، وهذا هو أحد الوجوه العلمية لتأويل تلك الروايات ، التي تتعارض مع الدليل القاطع ، وهناك وجوه أُخرى لرفع التعارض.
أمّا كيفية معرفة ما قاله الإمام تقية ، فيكون بعدّة أُمور منها :
١ ـ تعارض الخبر مع الأدلّة القاطعة.
٢ ـ وجود قرائن داخلية أو خارجية.
٣ ـ موافقة الأخبار لروايات أهل المذاهب التي يُتّقى منها في زمن الرواية.
__________________
١ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٥٩.