ومضمون هذا القياس الباطل هو : الحكم على موضوع بسبب مشابهته لموضوع آخر ، فترى أنّ العقل السليم أيضاً ـ مضافاً إلى الدليل النقلي عندنا ـ يقطع ببطلان هذا القياس ، إذ إنّ الحكم الشرعي يتبع لأوامر الوحي ، ومجرّد المشابهة في بعض الصور والحالات لا يدلّ على اتحاد الحكم.
وأمّا الحديث الذي يذكرونه لشرعية القياس ، فمع غضّ النظر عن سنده لا يدلّ على المدّعى ، فالرسول صلىاللهعليهوآله ـ على فرض الرواية ـ ينظّر بين المقامين ، وهذا من حقّ المشرّع بلا كلام ولا مناقشة ؛ إنّما الكلام في إعمال القياس من جانب الآخرين ، فليس في الحديث ما يشعر بصحّة هذا العمل كما هو واضح بأدنى تأمّل.
وعليه ، فيبقى هذا القياس الفقهي أمراً فارغاً لا يدلّ عليه العقل ، ولا يؤيّده النقل ، نعم قد يكون العمل بهذا القياس موجّهاً في صورة استثنائية ، وهي قياس منصوص العلّة ، وهو فيما إذا كانت علّة الحكم منصوصة ومصرّحة ، كما إذا قيل : لا تأكل الرمّان لأنّه حامض ، فقد اتفقت كلمة الأُصوليين على إسراء حكم عدم الأكل لكافّة الحموضات ، وهذا ليس من باب تشابه موضوعات الأحكام ، بل من جهة تعدّية الحكم بنفسه إلى الموارد الأُخرى بسبب تواجد العلّة فيها.
٢ ـ حرمة المخدّرات ، إمّا أن نحكم عليها ـ أو على بعضها ـ من جهة الإسكار ، وإمّا أنّها بصفتها تعتبر من موارد الإضرار المعتدّ به بالنفس عرفاً.
فالحكم في القسم الأوّل يكون من مصاديق حرمة المسكّرات ، وحينئذ تترتّب مقدّمات الاستدلال هكذا : كُلّ مسكر حرام ، وهذا مسكر ، فهذا حرام.
وفي القسم الثاني أيضاً كذلك : كُلّ ما أضرّ إضراراً معتدّاً به للنفس فهو حرام ، والمخدّرات تضرّ ضرراً بليغاً بالنفس ، فهي حرام.