قائمة الکتاب
ذكر بعض أسرار مهاجرة النبي (ص)
١٠٦
إعدادات
الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة [ ج ٣ ]
الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة [ ج ٣ ]
تحمیل
ومنها : التنبيه على انّ الّذي صحبه إلى الغار ـ على ما تضمّن (١) وصف صحبته في الاخبار ـ يصلح في تلك الحادثات الاّ للهرب ولأوقات الذل والخوف من الاخطار الّتي يصلح لها مثل النّساء الضّعيفات ، والغلمان الّذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من
المخافاة ، وما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر الأعداء ، ولا ان يكون معه بسلاح ولا قوة لمنع شيء من البلاد.
ومنها : انّ الطبري في تاريخه وأحمد بن حنبل رويا في كتابيهما انّ هذا الرّجل المشار اليه ما كان عارفا بتوجّه النّبي صلوات الله عليه ، وانّه جاء إلى مولانا علي عليهالسلام فسأله عنه ، فأخبره أنه توجّه فتبعه بعد توجّهه حتّى تظفر به ، وتأذّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالخوف منه ، لمّا توجه لما تبعه وعثر بحجر ففلق قدمه.
فقال الطبري في تاريخه ما هذا لفظه :
« فخرج أبو بكر مسرعا ولحق نبي الله صلىاللهعليهوآله في الطريق ، فسمع النبي جرس أبي بكر في ظلمة الليل ، فحسبه من المشركين ، فأسرع رسول الله صلىاللهعليهوآله يمشي ، فانقطع (٢) قبال نعله ، ففلق إبهامه حجر وكثر دمها ، فأسرع المشي فخاف أبو بكر ان يشقّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله فرفع صوته وتكلم ، فعرفه رسول الله ، فقام حين أتاه ، فانطلقا ورجل رسول الله صلىاللهعليهوآله تشرّ (٣) دماً حتّى انتهى إلى الغار مع الصبح ، فدخلاه وأصبح الرهط الّذين كانوا يرصدون رسول الله صلىاللهعليهوآله فدخلوا الدّار ، فقام علي عليهالسلام عن فراشه ، فلمّا دنوا منه عرفوه ، فقالوا له : اين صاحبك؟ قال : لا أدري ، أو رقيبا كنت عليه أمرتموه بالخروج ، فخرج ، فانتهروه (٤) وضربوه وأخرجوه إلى المسجد ، فحبسوه ساعة ثم تركوه ونجى رسول الله صلىاللهعليهوآله. » (٥)
أقول : وما كان حيث لقيه يتهيّأ أن يتركه النبي صلىاللهعليهوآله ويبعد منه خوفا
__________________
(١) تضمنه ( خ ل ).
(٢) فقطع ( خ ل ).
(٣) شرّ الماء : تقاطر متتابعاً.
(٤) انتهر السائل : زجره.
(٥) تاريخ الطبري ١ : ٥٦٨.