أن يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه ، وهو رجل جبان ، فيؤخذ النبي صلىاللهعليهوآله ويذهب الإسلام بكماله ، لأنّ أبا بكر أراد بكر أراد الهرب من مكّة ومفارقة النبي عليهالسلام قبل هجرته ، على ما ذكره الطبري في حديث الهجرة ، فقال ما هذا لفظه :
« وكان أبو بكر كثيراً ما يستأذن رسول الله صلىاللهعليهوآله في الهجرة ويقول له رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تعجل. » (١)
أقول : فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفّار ، فكيف يؤمن منه الهرب بعد الطلب ، وكان أخذه معه حيث أدركه من الضّرورات الّتي اقتضاها الاستظهار في حفظ النبي صلوات الله عليه وسلامه ، من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك الساعة ، وقد جرت العادة ان الهرب مقام تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان الضعيف ، ولا روى فيما علمت انّ أبا بكر كان معه سلاح يدفع به عن النّبي صلوات الله عليه ولا حمل معه شيئاً يحتاج إليه.
وما ادري كيف اعتقد المخالفون انّ لهذا الرجل فضيلة في الموافقة في الهرب ، وقد استأذنه مراراً ان يهرب ، ويترك النبي عليهالسلام في يد الأعداء الذين يتهدّدونه بالعطب ان اعتقاد فضيلة لأبي بكر في هذا الذلّ من أعجب العجب.
ومنها : التكسّر على النبي صلىاللهعليهوآله بجزع صاحبه في الغار ، وقد كان يكفي النبي صلىاللهعليهوآله تعلّق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار ، فزاده جزع صاحبه شغلاً في خاطره المقدس ، ولو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه واشتغال سرائره.
ومنها : انّه لو كان حزنه شفقة على النبي صلىاللهعليهوآله ، أو على ذهاب الإسلام ، كان قد نهى عنه ، وفيه كشف انّ حزنه كان مخالفا لما يراد منه.
ومنها : انّ النّبي صلوات الله عليه ما بقي يأمن ان لم يكن أوحى إليه انّه لا خوف عليه ان يبلغ صاحبه من الجزع الذي ظهر عليه ، الى ان يخرج من الغار ويخبر به الطالبين له
__________________
(١) تاريخ الطبري ١ : ٥٦٥.