عليها بطاعة مولاه ومراقباته ، ويسلب كرامة الغنى وكثيرا من المنى بذهاب الاختيار الّذي كان وهبه مالك رقّه ، ويجد نفسه أسيرا بعد عتقه ويطوي صحائف عمل سعاداته الباقية ، ويعزل عن ديوان المعاملة للأبواب الإلهية العالية ، فاذكّر نفسي وغيري بفقدان هذه السّاعات ، واوصي باغتنام أوقات العنايات قبل حلول الحادثات ونوازل الملمّات (١).
وهذا شرح أبواب الشهور وما فيها من الخير المذخور ، ونبدأ بالإشارة إلى بعض تأويل ما ورد من الاختلاف في الاخبار هل أوّل السنة شهر رمضان أو شهر المحرم ، فنقول :
قد ذكرنا في الجزء السادس من الّذي سمّيناه كتاب المضمار السباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق ما معناه :
انّه يمكن ان يكون أوّل السنة في العبادات والطاعات شهر رمضان ، وان يكون أوّل السنة لتواريخ أهل الإسلام وتجدّدات العام شهر المحرم ، وقدّمنا هناك بعض الاخبار المختصّة بأنّ أوّل السّنة شهر رمضان (٢) ، وسيأتي في حديث عن الرضا عليهالسلام في عمل أوّل يوم من محرّم يقتضي دعائه انّ أول السنة المحرم.
ورويت بعدة أسانيد قد ذكرتها في كتاب الإجازات إلى الطبري من تاريخه في سنة ستّة عشر من الهجرة ما هذا لفظه :
قال فيها كتب التاريخ في شهر ربيع الأول ، وقال : حدثني ابن أبي سيرة ، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن ابن المسيب قال : أوّل من كتب التّاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته ، فكتب لستة عشر من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب عليهالسلام ، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا الدراوردي ، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : جمع عمر بن الخطاب الناس فسألهم أيّ يوم نكتب؟ فقال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : من يوم هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآله وترك ارض الشرك ، فقبله
__________________
(١) الملمات جمع الملمة ، وهي حادثة الدهر.
(٢) شهر الصيام ( خ ل ).