مهمّات أهل الصفاء وذوي الوفاء والمخلصين في الولاء ، وفي هذا العشر كان أكثر اجتماع الأعداء على قتل ذريّة سيد الأنبياء صلوات الله عليه وآله ، والتهجّم بذلك على كسر حرمة الله جلّ جلاله مالك الدنيا والآخرة ، وكسر حرمة رسوله عليهالسلام صاحب النعم الباطنة والظاهرة ، وكسر حرمة الإسلام والمسلمين ولبس أثواب الحزن على فساد أمور الدنيا والدين.
فينبغي من أوّل ليلة من هذا الشهر ان يظهر على الوجوه والحركات والسكنات شعار آداب أهل المصائب المعظمات في كلّما يتقلب الإنسان فيه ، وان يقصد الإنسان بذلك إظهار موالاة أولياء الله ومعاداة أعاديه وتفصيل ذلك موجود في العقول ومشروح في المنقول.
أقول : فمن الأحاديث عن ائمّة المعقول الذي يصدّق فيها المنقول للمعقول ما رويناه بعدّة طرق إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه من أماليه بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليهالسلام : ان المحرم شهر كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال ، فاستحلّت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله صلىاللهعليهوآله حرمة في أمرنا.
انّ يوم الحسين أقرح جفوننا واسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا ، بأرض كرب وبلاء (١) ، وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فان البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.
ثم قال : كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة (٢) تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليهالسلام (٣).
__________________
(١) يا ارض كرب وبلاء أورثتنا ( خ ل ).
(٢) الكآبة : الحزن.
(٣) أمالي الصدوق : ١١١.