ومن المنقول من أمالي محمد بن علي بن بابويه رضوان الله جلّ جلاله عليه ما رويناه أيضا بإسناده إلى الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليهالسلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يا بن شبيب أصائم أنت؟ فقلت لا ، فقال : ان هذا اليوم هو الذي دعا فيه زكريا عليهالسلام ربّه عزّ وجلّ ، فقال ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (١) ، فاستجاب الله له وأمر ملائكته فنادت : زكريا ، ( وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ : ( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً ) ، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزّ وجلّ استجاب له كما استجاب لزكريا عليهالسلام.
ثم قال : يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهليّة فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيّها صلوات الله عليه وآله ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا (٢) ثقله ، فلا غفر الله ذلك لهم ابدا.
يا بن شبيب ان كنت باكياً فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام فإنه (٣) ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض مشبهون ، ولقد بكت السماوات والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لينصروه ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث (٤) غبر إلى ان يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره وشعارهم : يا آل ثارات الحسين (٥).
يا بن شبيب لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام انّه لما قتل جدّي الحسين عليهالسلام أمطرت السّماء دما وترابا أحمر ، يا بن شبيب ان بكيت على الحسين عليهالسلام حتى يصير دموعك على خدّيك غفر الله لك كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ، يا بن شبيب ان سرّك ان تلقى الله عزّ وجلّ ولا ذنب
__________________
(١) آل عمران : ٣٨.
(٢) النهب : الغارة.
(٣) فابك للحسين فإنه ( خ ل ).
(٤) الشعث ـ ككتف ـ المغبر الرأس ، الشعث ـ بالفتح ـ انتشار الأمر وخلله.
(٥) أصله يا آل ثارات ، حذفت الهمزة من الآل للتخفيف ، فصار يا لثارات.