أقول : وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح بخطّ محمد بن علي بن مهجناب البزّاز ، تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وقد اشتملت هذه التعزية على وصف عبد الله بن الحسن بالعبد الصالح والدعاء عند جانبها له وابن عمّه بالسعادة ودلائل الصفا الراجح ، وهذا يدلّ على انّ هذه الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليهالسلام معذورين وممدوحين ومظلومين وبحبّه عارفين.
أقول : وقد يوجد في الكتب انّهم كانوا للصادقين عليهمالسلام مفارقين ، وذلك محتمل للتقيّة لئلاّ ينسب إظهارهم لإنكار المنكر إلى الأئمة الطاهرين.
وممّا يدلّك على انّهم كانوا عارفين بالحقّ وبه شاهدين ، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من كتاب الرجال ممّا خرج منه وعليه سماع الحسين بن علي بن الحسن وهو نسخة عتيقة بلفظه ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن سعيد الكندي قال : هذا كتاب غالب بن عثمان الهمداني وقرأت فيه ، أخبرني خلاّد بن عمير الكندي مولى آل حجر بن عدي قال :
دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : هل لكم علم بآل الحسن الّذين خرج بهم ممّا قبلنا ، وكان قد اتّصل بنا عنهم خبر فلم تحبّ ان نبدأه به؟ فقلنا : نرجو ان يعافيهم الله ، فقال : واين هم من العافية؟ ثمّ بكا حتّى علا صوته وبكينا ، ثم قال : حدّثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عليهالسلام قالت : سمعت أبي صلوات الله عليه يقول : يقتل منك أو يصاب منك نفر بشطّ الفرات ما سبقهم الأوّلون ولا يدركهم الآخرون ، وانّه لم يبق من ولدها غيرهم (١).
أقول : وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه وعليهمالسلام ، وانّهم مضوا إلى الله جلّ جلاله بشرف المقام والظّفر بالسعادة والكرام.
وهذه ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن يحيى بن عبد الله الّذي سلم من الّذين تخلّفوا في الحبس من بني حسن فقال : حدثنا عبد الله بن فاطمة ، عن أبيها ، عن جدّتها فاطمة
__________________
(١) عنه البحار ٤٧ : ٣٠٢.