أجل : إن مجموع الامرين المذكورين مضافا الى ما كانت معروفة به من العفة والطهارة والنجابة ومكارم الاخلاق ويجمع ذلك كله العنوان الذي لقبت به في مجتمعها وهو عنوان الطاهرة كما لقب الرسول الاعظم قبل بعثته بالصادق الامين.
وهذا الوصف الرفيع وان كان مفردا في لفظه ولكنه واسع المعنى متعدد الجوانب فهي طاهرة العقل من الشرك والشبهات وطاهرة القلب من الحقد الدفين والحسد اللئيم والطمع اللعين ونحو ذلك من المعاني المظلمة كما أنها لذلك كله طاهرة النفس والذات من كل صفة ذميمة وخلق وضيع.
والذي ساهم في صنع هذه الشخصية الفذة عدة عوامل ابرزها بعد عامل الارادة الإلهية والعناية السماوية لتجعل منها خير ام لافضل امرأة في التاريخ الإنسان ي ـ هو عامل الوراثة السليمة والتربية الحكيمة ـ.
وقد تمثل عنصر الإرادة والعناية السماوية بما زودها الله به من العقل المتألق وعياً وحكمة الأمر الذي دفعها لان تشق طريق المجد الامثل والشرف الرفيع باختيار افضل رفيق في اسمى طريق لارفع هدف وهو هدف السمو الحقيقي والثراء الواقعي الذي تشتري به اسمى مراتب الكمال والسعادة في الدنيا والآخرة.
وهذا العقل المنير وهو الرسول الباطني هو الذي دفعها للمبادرة الى التصديق برسالة الرسول الظاهري كما بادرت في الامس للتصديق بكفاءته لان يكون رفيق درب وشريك حياة زوجية قائمة على اساس الحب المبدئي العميق والاخلاص الوثيق الذي تمثل اولاً على صعيد الحياة الزوجية باسمى ما تتجمل به زوجة مع زوجها من المعاني السماوية والمثل الرفيعة كما تمثل ثانيا على صعيد الحياة الرسالية بعد ان اشرق نور الحق وعياً في عقلها وايمانا في قلبها وتضحية وفداء وبذلا وعطاء في سلوكها الرسالي وهي تقف مع رفيق درب الجهاد في ساحة الصراع والتحدي لتشد على يد الرسول المناضل